المأمون من ولاية العهد، مما زاد من حدة الصراع بين الفريقين، واضطراب الأوضاع في جميع أنحاء الدولة.
على أن ما كان يتمتع به المأمون من محبة الجماهير وثقتهم وقوة شخصيته، قد دفع بالأمين وأعوانه أن يقصروا جهودهم على تجنيد جميع أجهزتهم لمراقبته - أي المأمون - وقطع الطريق عن أي تحرك ضدهم، وأصبح خطر غيرهم ممن لا يرتضي حكمهم ودولتهم ضئيلا إذا ما قيس بنظرهم بالخطر الداخلي الجاثم على صدورهم، ومن الجائز أن يكون لذلك كله دخل في انصراف الأمين وجهاز حكمه عن مراقبة الإمام الرضا (عليه السلام) وملاحقته، كما كان يفعل أسلافه مع غيره من الأئمة (عليهم السلام)، مما قيض له فترة هادئة من الزمن، انصرف فيها إلى أداء رسالته، ونشر مبادئ الإسلام في ذلك الجو الذي كان مشحونا بالصراعات العقائدية والخلافات المذهبية.
الإمام (عليه السلام) في عصر المأمون كان المأمون ولي العهد من بعد أخيه الأمين الذي بويع له بعد وفاة الرشيد سنة 193 ه بعهد منه، فلما كانت سنة 195 ه أعلن الأمين خلع أخيه المأمون من ولاية العهد، وعهد لابنه موسى، ولقبه الناطق بالحق، وهو لا يزال طفلا رضيعا، فنادى المأمون بخلع الأمين في خراسان، وتسمى بأمير المؤمنين.
فجهز الأمين وزيره علي بن عيسى بن ماهان لحرب المأمون، وجهز المأمون طاهر بن الحسين، فالتقى الجيشان، فقتل ابن ماهان، وحمل رأسه إلى المأمون، فطيف برأسه في خراسان.
وانهزم جيش الأمين، فتتبعه طاهر بن الحسين حتى حاصر بغداد حصارا