الفصل الثامن موقف الإمام الرضا (عليه السلام) من ثورات العلويين لقد استقبل المأمون خلافته بأخطر ثورة ضده في تلك الفترة من التأريخ، وهي ثورة محمد بن إبراهيم، المعروف بابن طباطبا، التي قادها ومهد لها السري بن منصور، المعروف بأبي السرايا، وقد انطلقت من الحجاز إلى الكوفة، ومنها إلى أكثر المناطق في العراق، وتفرعت عنها انتفاضات قادها العلويون في البصرة واليمن والبحرين والحجاز وغير ذلك من الأقطار.
فوثب في اليمن إبراهيم بن موسى بن جعفر، واستولى عليها، وفي مكة الحسين ابن الحسن الأفطس، وفي البصرة زيد بن موسى بن جعفر، المعروف على لسان بعض المؤرخين بزيد النار، لكثرة ما قتل وأتلف وأحرق في البصرة من دور العباسيين وأنصارهم وممتلكاتهم، إلى غير ذلك من المناطق الأخرى، وقد ذكرنا عندما تحدثنا عن الأسباب التي دفعت المأمون إلى تولية الإمام الرضا ولاية العهد، إن الذي دفعه إلى هذه الخطوة هو تطويق هذه الانتفاضات، وتخدير الشيعة المناصرين لهم في مختلف الجهات، وبخاصة شيعة خراسان الذين ناصروا الدولة العباسية، وعززوا موقفه خلال المعارك الدامية بينه وبين أخيه محمد الأمين، وقد نجح في هذا التدبير إلى حد ما، فلزم العلويون جانب الهدوء مراعاة لمركز الإمام