والمصائب إلا الإمام زين العابدين (عليه السلام) ومن لاذ بداره وكان ذلك بوصية من الطاغية يزيد إلى جلاده المسرف الأثيم فتركت هذه الصورة المأساوية الحزينة في نفس الإمام (عليه السلام) شعورا بالأسى واللوعة مدى حياته.
وكان عصر الإمام (عليه السلام) الأول أحرج وأدق العصور التي مرت على المسلمين في حياتهم منذ انبثاق فجر الإسلام، من جراء جرائم الحكم الأموي وظلمه، فقد تفجرت البلاد الإسلامية قاطبة عن بركان هائل من الثورات على سياسة الحكم الأموي البغيض اللا أخلاقي.
ولابد لنا ان نذكر الأحداث التي عاصرها الإمام (عليه السلام) والسياسية منها التي جرت في ذلك العصر، حتى يمكننا ان نتوصل إلى دراسة تحليلية عن حياة الإمام (عليه السلام) ونلقي بعض الضوء عليها.
لم تحظ المكتبة العربية والإسلامية بدراسة مفصلة عن حياة هذا الإمام الفذ العظيم، الذي هو من المؤسسين في التكوين الحضاري لهذه الأمة، وليس من الوفاء ان نهمل حياة عظمائنا، في حين ان الأمم الحية قد عنيت بتخليد عظمائها والإشادة بهم.
يقول الكاتب المصري " عباس محمود العقاد ": " إن الأوربيين قد وجدوا من علمائهم من يشيد بعظمائهم، ويستقصي نواحي مجدهم، بل قد دعتهم العصبية أحيانا ان يتزايدوا في نواحي هذه العظمة، ويعملوا الخيال في تبرير العيب وتكميل النقص تحميسا للنفس وإثارة لطلب الكمال، اما نحن فقد كان بيننا وبين عظمائنا سدود وحواجز حالت بين شبابنا والاستفادة منهم ".
ومن هم أحق بالإشادة من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لا سيما وإمامنا العظيم محمد بن علي الباقر (عليه السلام) الذي هو ابرز العباقرة والقادة الطليعيين في العالم، وفي هذه الأمة في زمانه الذي كان من بعض مآثره وخدماته تحرير الأمة اقتصاديا، واستقلال النقد الإسلامي من السيطرة الأجنبية المرتبطة بالإمبراطورية البيزنطية الرومانية، وسنذكر تفصيل ذلك إن شاء الله.