وقد قاموا بدور بناء في تدوين الحديث، كما اخذوا يلقون على البعثات الدينية ما رووه عنه.
ولم يقتصر الإمام (عليه السلام) في تدريسه، وبحوثه، ومحاضراته، على الفقه والحديث، والأصول الإسلامي فحسب، وانما خاض النواحي الأخرى من العلوم، كالفلسفة وعلم الكلام، والطب، والاخلاق وغيرها، واما تفسيره للقرآن الكريم فقد استوعب اهتمامه كله، وقد دون أكثر المفسرين ما يذهب اليه في تفسيره وما يرويه عن آبائه (عليهم السلام)، وتحدث (عليه السلام) بصورة موضوعية وشاملة عن السيرة النبوية، وشرح سيرة جده الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وحروبه ومغازيه، كما روى الكثير من فصول واقعة كربلاء. روى عنه ابن هشام، والواقدي، والحلبي، وغيرهم من المدونين للسيرة النبوية، وما يتعلق بآداب السلوك، وحسن الأخلاق، وما يتصف به المسلم من الصفات الحميدة التي تجعله أنموذجا وقدوة لغيره.
كما روى عنه بصورة شاملة الأحداث التاريخية التي جرت في العصر الإسلامي الأول. الطبري في تاريخه، والبلاذري في أنسابه. وغيرهم، وناظر (عليه السلام) بعض العلماء من النصارى، والأزارقة، وجادل الملحدين، وقاوم الغلاة، وقد خرج من مناظراته منتصرا ظافرا قد اعترف له الخصم بقدراته العلمية، والعجز عن مجاراته. ولقد ترك الإمام (عليه السلام) ثروة فكرية هائلة تعد من أنفس ذخائر الفكر الإسلامي، ومن كنوز الثروات العلمية في العالم، وكان (عليه السلام) من عمالقة الفكر والعلم، ومن ابرز أئمة المسلمين، وقد أوقف حياته كلها لنشر العلم وإذاعته بين الناس، فقد أسس مدرسته في يثرب، فكانت كالبحر الزاخر يغذي طلابه من رجال الفكر، ورواد العلم بفقهه وعلمه، على أساس ما بناه أبوه الإمام زين العابدين السجاد (عليه السلام). وليس بمقدور الباحث أو المحقق تسجيل جميع مآثره من العلوم والمعارف، فان ذلك يستدعي وضع عدة مجلدات، ولذا أشرنا إلى بعضها، على سبيل المثال.