ثم إن عبيد الله بن أبي رافع أخبر عليا (عليه السلام) بذلك فقال: والله إن بقيت وسلمت لهم لأقيمنهم على المحجة البيضاء والطريق الواضح. قاتل الله ابن العاص، لقد عرف من كلامي ونظري إليه أمس أني أريده وأصحابه ممن هلك فيمن هلك.
قال: فبينا الناس في المسجد بعد الصبح إذ طلع الزبير وطلحة فجلسا ناحية عن علي (عليه السلام)، ثم طلع مروان وسعيد وعبد الله بن الزبير فجلسوا إليهما، ثم جاء قوم من قريش فانضموا إليهم، فتحدثوا نجيا ساعة، ثم قام الوليد بن عقبة بن أبي معيط فجاء إلى علي (عليه السلام) فقال: يا أبا الحسن، إنك قد وترتنا (1) جميعا، أما أنا فقتلت أبي يوم بدر صبرا، وخذلت أخي يوم الدار بالأمس، وأما سعيد فقتلت أباه يوم بدر في الحرب وكان ثور قريش، وأما مروان فسخفت أباه عند عثمان إذ ضمه إليه، ونحن إخوتك ونظراؤك من بني عبد مناف، ونحن نبايعك اليوم على أن تضع عنا ما أصبناه من المال في أيام عثمان، وأن تقتل قتلته، وإنا إن خفناك تركناك فالتحقنا بالشام.
فقال: أما ما ذكرتم من وتري إياكم فالحق وتركم، وأما وضعي عنكم ما أصبتم فليس لي أن أضع حق الله عنكم ولا عن غيركم، وأما قتلي قتلة عثمان فلو لزمني قتلهم اليوم لقتلتهم أمس، ولكن لكم علي إن خفتموني أن أؤمنكم وإن خفتكم أن أسيركم.
فقام الوليد إلى أصحابه فحدثهم، وافترقوا على إظهار العداوة وإشاعة الخلاف. فلما ظهر ذلك من أمرهم، قال عمار بن ياسر لأصحابه: قوموا بنا إلى هؤلاء النفر من إخوانكم فإنه قد بلغنا عنهم ورأينا منهم ما نكره من الخلاف