فقال علي: أما ما ذكرت من إقرارهم، فوالله ما أشك أن ذلك خير في عاجل الدنيا لإصلاحها، وأما الذي يلزمني من الحق والمعرفة بعمال عثمان فوالله لا أولي منهم أحدا أبدا، فإن أقبلوا فذلك خير لهم، وإن أدبروا بذلت لهم السيف.
قال ابن عباس: فأطعني وادخل دارك والحق بمالك بينبع (1) وأغلق بابك عليك، فإن العرب تجول جولة وتضطرب ولا تجد غيرك، فإنك والله لئن نهضت مع هؤلاء اليوم ليحملنك الناس دم عثمان غدا.
فأبى علي، فقال لابن عباس: سر إلى الشام فقد وليتكها.
فقال ابن عباس: ما هذا برأي، معاوية رجل من بني أمية وهو ابن عم عثمان وعامله على الشام، ولست آمن أن يضرب عنقي لعثمان أو أدنى ما هو صانع أن يحبسني فيتحكم علي.
فقال له علي: ولم؟
قال: لقرابة ما بيني وبينك، وإن كل ما حمل عليك حمل علي، ولكن اكتب إلى معاوية فمنه وعده.
فأبى علي وقال: والله لا كان هذا أبدا (2).
1347 - شرح نهج البلاغة عن المدائني - في ذكر مجلس حضر فيه ابن عباس ومعاوية: فقال المغيرة بن شعبة: أما والله لقد أشرت على علي بالنصيحة فآثر رأيه، ومضى على غلوائه، فكانت العاقبة عليه لا له، وإني لأحسب أن خلقه يقتدون بمنهجه.