والطعن على إمامهم، وقد دخل أهل الجفاء بينهم وبين الزبير والأعسر العاق - يعني طلحة -.
فقام أبو الهيثم وعمار وأبو أيوب وسهل بن حنيف وجماعة معهم، فدخلوا على علي (عليه السلام) فقالوا: يا أمير المؤمنين انظر في أمرك وعاتب قومك هذا الحي من قريش، فإنهم قد نقضوا عهدك وأخلفوا وعدك، وقد دعونا في السر إلى رفضك، هداك الله لرشدك، وذاك لأنهم كرهوا الأسوة وفقدوا الأثرة، ولما آسيت بينهم وبين الأعاجم أنكروا واستشاروا عدوك وعظموه، وأظهروا الطلب بدم عثمان فرقة للجماعة وتألفا لأهل الضلالة، فرأيك!
فخرج علي (عليه السلام) فدخل المسجد وصعد المنبر مرتديا بطاق مؤتزرا ببرد قطري، متقلدا سيفا متوكئا على قوس، فقال:
أما بعد، فإنا نحمد الله ربنا وإلهنا وولينا وولي النعم علينا، الذي أصبحت نعمه علينا ظاهرة وباطنة، امتنانا منه بغير حول منا ولا قوة، ليبلونا أنشكر أم نكفر فمن شكر زاده ومن كفر عذبه، فأفضل الناس عند الله منزلة وأقربهم من الله وسيلة أطوعهم لأمره، وأعملهم بطاعته، وأتبعهم لسنة رسوله، وأحياهم لكتابه، ليس لأحد عندنا فضل إلا بطاعة الله وطاعة الرسول. هذا كتاب الله بين أظهرنا، وعهد رسول الله وسيرته فينا، لا يجهل ذلك إلا جاهل عاند عن الحق منكر، قال الله تعالى: ﴿يأيها الناس إنا خلقنكم من ذكر وأنثى وجعلنكم شعوبا وقبآئل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ (1).
ثم صاح بأعلى صوته: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإن الله لا يحب الكافرين.