الصبر والبصر والعلم بمواقع الأمر، وإني حاملكم على منهج نبيكم (صلى الله عليه وآله) ومنفذ فيكم ما أمرت به، إن استقمتم لي وبالله المستعان. ألا إن موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته كموضعي منه أيام حياته، فامضوا لما تؤمرون به وقفوا عند ما تنهون عنه، ولا تعجلوا في أمر حتى نبينه لكم، فإن لنا عن كل أمر تنكرونه عذرا.
ألا وإن الله عالم من فوق سمائه وعرشه أني كنت كارها للولاية على أمة محمد حتى اجتمع رأيكم على ذلك؛ لأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " أيما وال ولي الأمر من بعدي أقيم على حد الصراط، ونشرت الملائكة صحيفته؛ فإن كان عادلا أنجاه الله بعدله، وإن كان جائرا انتفض به الصراط حتى تتزايل مفاصله، ثم يهوي إلى النار؛ فيكون أول ما يتقيها به أنفه وحر وجهه " ولكني لما اجتمع رأيكم لم يسعني ترككم.
ثم التفت (عليه السلام) يمينا وشمالا فقال:
ألا لا يقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا فاتخذوا العقار، وفجروا الأنهار، وركبوا الخيول الفارهة، واتخذوا الوصائف الروقة (1) فصار ذلك عليهم عارا وشنارا، إذا ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون، فينقمون ذلك ويستنكرون ويقولون: حرمنا ابن أبي طالب حقوقنا.
ألا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرى أن الفضل له على من سواه لصحبته، فإن الفضل النير غدا عند الله، وثوابه وأجره على الله، وأيما رجل استجاب لله وللرسول فصدق ملتنا ودخل في ديننا