القول في نسبة التطير إلى الإمام!
في ضوء ما تقدم كان طلحة أول من بايع الإمام (عليه السلام). وكانت يده شلاء، لذلك تطيروا بعدم دوام بيعته. وقد تضاربت المصادر فيمن أنطق الألسن بهذا التطير؛ فبعضها عزاه إلى شخص يدعى حبيب بن ذؤيب، وبعضها الآخر ذكر أن المتطير رجل من بني أسد، وقال: " أول من بدأ بالبيعة يد شلاء! لا يتم هذا الأمر ".
بيد أن روايات نسبت هذا التطير إلى الإمام (عليه السلام)، وذكرت أنه (عليه السلام) قال عند بيعته:
" ما أخلقها أن تنكث! " لكن هذه النسبة لا تستقيم ولا تثبت على أي حال، ويمكن الاستناد إلى العقل والنقل في إثبات وهنها وهشاشتها. إذ لا ريب أن العقل لا يجيز التطير والتشاؤم حين يجمع الناس قاطبة على حلف وعهد معينين. من هنا يأبى كل عاقل ذلك ولا يقول به ولا يفعله، فكيف يعلن الإمام (عليه السلام) - وهو اللبيب الذي لا ند له - في اليوم الأول للبيعة أمام الناس عن نكث بيعة رجل كان من أبرز الوجوه السياسية آنذاك، ويفعل ذلك توكؤا على " التطير " و " التفأل "؟!
إن هذا الضرب من الكلام يثير الإشاعة لإضعاف أركان الدولة ودعائمها من جهة، ويشجع على نكث العهود ونقضها من جهة أخرى، فلا شك أنه مفترى على الإمام.
يضاف إلى ذلك أن روايات كثيرة ذمت التطير، ونهت الناس عنه، وأكدت أن أهل البيت (عليهم السلام) لا يتطيرون (1)... فمن الممتنع جدا أن يتفوه الإمام (عليه السلام) بكلام غير مقبول أو يقوم بعمل واه غير محكم.