ابن الحكم أيام الموسم بالمدينة فسأله فقال مروان: يا أعرابي ليس عندنا ما نصلك به ولكن عليك بابن جعفر، فأتى الأعرابي باب عبد الله بن جعفر فإذا ثقله قد سار نحو مكة وراحلته بالباب عليها متاعه وسيفه معلق فخرج عبد الله من داره، وأنشأ الأعرابي يقول شعرا مخاطبا له:
أبو جعفر من أهل بيت نبوة * صلاتهم للمسلمين طهور أبا جعفر ان الحجيج تراحلوا * وليس لرحلي ان رحلت بعير أبا جعفر مروان ظن بماله * وأنت على ما في يديك أمير وأنت امرؤ من هاشم العز قد غدا * إليه يسير المجد حيث يسير فضحك عبد الله وقال يا أعرابي سار الثقل فدونك الراحلة بما فيها واليك أن تخدع عن السيف فاني اخذته بألف دينار، فأخذ الأعرابي الراحلة بما فيها، وهو يقول:
ألا كل من يرجو نوال بن جعفر * سيجري له باليمن والبشر طائره وسار عبد الله يمشي على قدميه إلى مكة.
وفي (العقد) لابن عبد ربه: أعطى عبد الله بن جعفر لامرأة مالا عظيما فقيل له انها لا تعرفك وكان يرضيها اليسير، فقال إن كان يرضيها اليسير فأنا لا ارضى إلا بالكثير، وإن كانت لا تعرفني فأنا اعرف نفسي.
وفي بعض التواريخ: يحكى ان الفرزدق أتى عبد الملك بن مروان يستميحه فأبى أن يعطيه شيئا، فقال له عبد الله بن جعفر ما كنت تؤمل ان يعطيك؟ قال ألف دينار في كل سنة، قال فكم تؤمل ان تعيش؟ قال أربعين سنة، قال يا غلام علي بالوكيل فدعاه، فقال اعط الفرزدق أربعين ألف دينار، فقبضها ومضى.
ويحكى عن فقراء المدينة ومكة انهم قالوا ما كنا نعرف السؤال حتى مات عبد الله ابن جعفر.
وقيل إن رجلا جلب سكرا إلى المدينة فكسد عليه فقيل له لو اتيت ان جعفر قبله منك وأعطاك الثمن، فأتى إليه فأخذه منه، وامر به فنثر وقال للناس انتهبوا، فلما رأى الرجل الناس ينتهبون قال جعلت فداك آخذ معهم قال دونك فجعل الرجل يهيل