فلما سمع هذا خرج من الكعبة وغاب عن قومه أربعين صباحا قال جابر فقلت يا رسول الله عليك السلام أين غاب؟ قال مضى المثرم ليبشره بمولد علي بن أبي طالب في جبل لكام فان وجده حيا بشره وإن وجده ميتا أنذره فقال يا جابر اكتم ما تسمع فأنه من سرائر الله تعالى المكتومة وعلومه المخزونة أن المثرم كان قد وصف لأبي طالب (ع) كهفا في جبل لكام وقال له أنك تجدني هناك حيا أو ميتا فلما أن مضى أبو طالب إلى ذلك الكهف ودخله فإذا هو بالمثرم ميتا جسده ملفوف في مدرعته مسجى بها وإذا بحيتين أحدهما بيضاء أشد بياضا من القمر والأخرى سوداء أشد سوادا من الليل المظلم وهما يدفعان عنه الأذى فلما بصر أبا طالب غابا في الكهف فدخل أبو طالب وقال السلام عليك يا ولي الله ورحمة الله وبركاته فأحيا الله بقدومه المثرم وقام قايما يمسح التراب عن وجهه وهو يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن عليا ولي الله هو الأمام من بعده ثم قال المثرم بشرني يا أبا طالب فقد كان قلبي متعلقا حتى من الله تعالى على بك وبقدومك فقال له أبو طالب أبشر فأن عليا قد طلع إلى الأرض قال فما كان علامة الليلة التي ولد فيها حدثني بأتم ما رأيت في تلك الليلة قال أبو طالب نعم شاهدته فلما مر من الليل الثلث أخذ فاطمة بنت أسد ما يأخذ النساء عند ولادتها فقرأت عليها الأسماء التي فيها النجاة فسكنت بإذن الله تعالى فقلت لها أنا آتيك بنسوة من أحبائك ليعينونك على أمرك قالت الرأي لك فاجتمعت النسوة عندها وإذا بهاتف يهتف من وراء البيت أمسك عنهن يا أبا طالب فأن ولي الله لا يمسه إلا يد طاهرة فلم يتم الهاتف كلامه وإذا قد أتى محمد بن عبد الله ابن أخي فطرد تلك النسوة وأخرجهن من البيت وإذا أنا بأربع نسوة قد دخلن عليها وعليهن ثياب حرير بيض وإذا روايحهن أطيب من المسك الأذفر فقلن لها السلام عليك يا ولية الله فأجابتهن بذلك فجلسن بين يديها ومعهن جونة من فضة فما كان إلا قليل حتى ولد أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين أسد الله الغالب غالب كل غالب مظهر العجائب والغرائب علي بن أبي طالب فلما أتيتهن وإذا به قد طلع عليه السلام فسجد على الأرض وهو يقول أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا رسول الله تختم به النبوة وتختم بي الوصية فأخذت به أحديهن على الأرض ووضعته في حجرها فلما حملته نظر إلى وجهها
(٣٣)