حتى مروا بمنازل بني كنانة فقالوا تهيئوا يا بني كنانة للحرب ثم أقبلوا حتى وقفوا على الخندق فلما تأملوه قالوا: هذه المكيدة ما كانت العرب تكيدها ثم تيمموا مكانا من الخندق وفيه ضيق فضربوا خيلهم فاقتحمه فجاءت بهم بين الخندق وسلع، وخرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع " في نفر معه من المسلمين حتى اخذوا عليهم الثغرة التي اقتحموها فتقدم عمرو بن عبد ود والجماعة الذين معه، فلما رأوا المسلمين وقفوا وصاح عمرو بن عبد ود: هل من مبارز؟ فبرز له أبو الحسن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له عمرو: ارجع يا بن أخي فما أحب ان أقتلك، فقال له أمير المؤمنين " ع ": قد كنت عاهدت الله يا عمرو وأنت متعلق بأستار الكعبة ان لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خصلتين إلا اخترتها منه فقال: اجل فما ذاك؟ قال " ع " الأولى فاني أدعوك إلى الله ورسوله والاسلام، قال لا حاجة لي بذلك، فالثانية: فاني أدعوك إلى النزال فقال ارجع فقد كان بيني وبين أبيك خلة فما أحب ان أقتلك، فقال له أمير المؤمنين " ع ": لكني انا والله أحب ان أقتلك ما دمت أبيا للحق فحمق عمرو عند ذلك وقال: أتقتلني؟ ونزل عن فرسه فعقره وضرب وجه الفرس حتى نفر، واقبل علي أمير المؤمنين " ع " مصلتا سيفه وبدره بالسيف فاتقاه بالترس فنشب سيفه فيه فضربه أمير المؤمنين ضربة فقتله فلما رأى عمرا قومه صريعا ولوا منهزمين، وانصرف أمير المؤمنين إلى مقامه الأول وقد كادت نفوس القوم الذين خرجوا معه إلى الخندق تطير وغدى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يقول شعرا:
نصر الحجارة من سفاهة رأيه * ونصرت رب محمد بصواب فضربته فتركته متجدلا * كالجذع بين دكادك وروابي وعففت عن أثوابه ولو انني * كنت المعطن بزني أثوابي لا تحسبن الله خادل دينه * ونبيه يا معشر الأحزاب وفي رواية أخرى وهي المشهورة: انه لما اقبل عمرو بن عبد ود وأصحابه يجيلون خيولهم فيما بين الخندق وسلع والمسلمون وقوف لا يقدم أحد منهم عليهم