والمعونة وأخبروهم باتباع قريش لهم على ذلك فأجمعوا معهم وخرجت قريش وقائدهم أبو سفيان، وخرجت غطفان وقائدهم عيينة بن حصين في بني فزارة، والحارث بن عوف في بني مرة، ووبرة بن طريف في قومه من أشجع، واجتمعت قريش معهم. فلما سمع رسول الله باجتماع الأحزاب عليه وقوة عزيمتهم في حربه استشار أصحابه فاجتمع رأيهم على البقاء بالمدينة وحرب القوم إذا جاؤوا إليهم على أنقابها وأشار سلمان الفارسي رضي الله عنه على رسول الله بالخندق، فأمر بحفره وعمل فيه (ص) بيده وعمل فيه المسلمون فأقبلت الأحزاب فهال المسلمون أمرهم وارتاعوا من كثرتهم فجمعهم فنزلوا ناحية من الخندق وأقاموا بمكانهم بضعا وعشرين ليلة ولم يكن بينهم إلا الرمي والنبل والحصى فلما رأى رسول الله ضعف قلوب المسلمين من حصارهم لهم ووهنهم في حربهم بعث إلى عيينة بن الحصين والحارث بن عوف وهما قائدا غطفان يدعوهما إلى صلحه والكف عنه والرجوع بقومهما عن حربه على أن يؤتيهم ثلث ثمار المدينة واستشار سعد ابن معاذ وسعد بن عبادة فيما بعث به، فقالا يا رسول الله إن كان هذا الامر لا بد لنا من العمل به وان الله أمرك فيه بما صنعت والوحي جاءك به فأفعل ما بدى لك، وإن كنت تحب أن تصنعه لنا كان لنا فيه رأي، فقال رسول الله، لم يأتني الوحي به ولكني قد رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحد وجاؤكم من كل جانب فأردت اكسر عنكم شوكتهم، فقال سعد بن معاذ قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان ولا نعبد الله ولا نعرفه ونحن لا نطعمهم من ثمرنا إلا قرى أو بيعا والآن حين أكرمنا الله بالاسلام وهدانا له وأعزنا بك نعطيهم أموالنا ما لنا إلى هذا من حاجة ولا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فقال رسول الله: الآن عرفت ما عندكم فكونوا على ما أنتم عليه والله لن يخذل الله نبيه ولم يسلمه حتى ينجز له ما وعده، ثم قام رسول الله في المسلمين يدعوهم إلى الجهاد ويشجعهم ويعدهم النصر من الله فانتدبت فوارس من قريش للبراز منهم عمرو بن عبد ود بن أبي قيس بن عامر بن لوي بن غالب، وعكرمة بن أبي جهل، وهبيرة ابن أبي وهب وضرار بن الخطاب ومرداس الفهري فلبسوا لباس الحرب ثم خرجوا على خيلهم
(١٨٩)