مرتين فيدل على أن كل نجس مائي لاقي محلا يكون تطهيره بالصب مرتين فيحمل على أن النجاسة في نفسها يحتاج إلى المرتين واكتفى هنا بالصب لعدم الجرم له ومن هنا استدل بعضهم بفحواه على وجوب المرتين في غير البول من النجاسات فتأمل هذا كله مضاف إلى استصحاب النجاسة أو حكمها عند من يسمى مثل هذا الاستصحاب بالتمسك بعموم الدليل إذ لا حاكم على هذا الأصل عدا بعض الاطلاقات الظاهرة الورود في مقام البيان مثل قوله (ع) في موثقة يونس بن يعقوب أو صحيحة قلت لأبي عبد الله (ع) الوضوء الذي افترضه الله تعالى على العباد لمن جاء من الغائط وبال قال يغسل ذكره ويذهب الغائط ثم يتوضأ مرتين مرتين ومرسلة نشيط بن صالح المتقدمة انه يجزى من البول ان يغسله بمثله بناء على اخراج غير الاستنجاء منه بما دل على المرتين عند إصابة البول الجسد فيبقى نصا في الاستنجاء ويؤيدهما ما ذكره في المنتهى من فحوى كفاية إزالة العين في الاستنجاء من الغائط اجماعا ويشهد لمنع الفحوى حكم جماعة في غير الاستنجاء بلزوم التعدد في البول وكفاية المرة في غيره والمرسلة ضعيفة مخالفة للمشهور والمراد من المثل فيها مشتبه لعدم امكان إرادة مثل المغسول منه وهو البلل وإرادة مثل الخارج مع عدم تقدم ذكره في غاية البعد وان ارتكبه الشيخ قده فلا ينهض مع ذلك لمعارضة رواية المثلين وعلى تقديرها فالواجب الرجوع بعد فرض التكافؤ إلى اطلاق الغسل في رواية يونس بن يعقوب الا انه الاطمينان بورودها في مقام بيان الوضوء المفترض من الله بجميع تفاصيله ولذا لم يذكر كثير من واجبات الاستنجاء فلا يبعد ان يكون واردا في مقام بيان الوضوء الواجب إزالة الخبث ورفع الحدث مع أن قوله ثم توضأ مرتين مرتين في بيان مقام الوضوء المفترض لا يخلو عن التباس ومع ذلك فالأولى والأحوط الرجوع إلى الاستصحاب المذكور {و} يجب {غسل مخرج الغايط} مع تلوث ظاهره بالنجاسة لا مطلقا كما يوهمه بعض فروع المنتهى {بالماء} عند تعينه عليه واختياره له {حتى يزول العين والأثر} كما في غير الاستنجاء لحسنة ابن المغيرة قلت هل للاستنجاء حد قال لا ينقى ماثمة وفى بعض النسخ لا حتى ينقى ماثمة ولقوله (ع) فيما رواه في المعتبر عن الحسين بن أبي العلاء عن الثوب يصيبه البول قال اغسله مرتين الأولى للإزالة والثانية للانقاء بحمل إزالة العين والانقاء على إزالة الأثر والرواية وإن كانت أجنبية عما نحن فيه الا ان فيها دلالة على تغاير إزالة العين للانقاء فيظهر منها ان في المحل بعد إزالة العين شيئا يجب ازالته واصطلح عليه جماعة من الأصحاب تبعا للشيخ في المبسوط بالأثر واختلف في حقيقة بعد الاتفاق.
على وجوب ازالته بالغسل وعدم وجوبها عند الاستجمار فعن جماعة منهم الشهيد الثاني والفاضل الميسي انها اجزاء لطيفه عالقة بالمحل لا تزول الا بالماء والحصر في مقابل الاستجمار على الوجه المتعارف إذ لا ريب في زوالها بالمايعات الأخر وبالاستجمار مع المبالغة الخارجة عن العادة و مرجع ذلك إلى ما عن المحق الثاني انه ما يتخلل على المحل عند التنشيف والمسح وعن بعض انه اللون وكان مراده اللون الزايل بأدنى مبالغة في المس وهو الذي حكى عن المنتهى والنهاية الجزم بوجوب ازالته والا فمطلق اللون لا يجب ازالته بالنص والاجماع وعن بعض انه الرطوبة المختلفة بعد قلع الجرم ورود بأنه من العين وتوضيح الرد ان الرطوبة المجردة الموجودة بعد المسح بالأحجار يجب قلعها اجماعا وعند الغسل لا تتميز رطوبة مجردة من الأثر النجاسة عن رطوبة الماء المستعمل في قلع الجرم الا ان يراد رطوبة حاصلة من ملاقاة ماء الغسل لاجزاء لطيفة من الجرم ممتازة عن رطوبة نفس الماء وتبقى ناشفة عند قلع الجرم بغير الماء وعن بعض انها النجاسة الحكمية الباقية بعد إزالة العين فيكون إشارة إلى تعدد الغسل و لعله استفاد ذلك من ذيل رواية ابن أبي العلاء المتقدمة المشعرة بان النظافة في نظر الشارع غير إزالة العين وهذا التفسير في غاية الضعف لأن النجاسة الحكمية بعد زوال العين حكم شرعي وزوالها عبارة عن طهارة المحل شرعا فكيف يجعل في كلمات الأصحاب حد الغسل مع أن التعدد في الاستنجاء من الغايط منفى اجماعا على ما تقدم عن المنتهى فكيف يحمل عليه كلام من صرح بأنه لاحد للاستنجاء الا النقاء وفى كشف الغطاء ان المراد بالأثر الأجزاء التي لا تحس والظاهر أنه أراد عدم الاحساس بالبصر للطافتها وان أحسن بها باللمس والا فمن أين يعلم بقائها وزوالها فيرجع إلى التفسير الأول وهو أوضح التفاسير نعم يبقى الدليل على وجوب ازالتها فإن كان صدق الغايط عليها أو عدم صدق النقاء المحدد به الاستنجاء في الرواية السابقة مع وجودها فيه امكان منع الامرين ان اللازم من الثاني عدم تحقق النقاء في الاستجمار مع اشتراط حصوله فيه اجماعا ومن الأول كون اجزاء الغايط الموجودة المحسوسة ولو باللمس طاهرة لاتفاق أصحابنا ظاهرا كما ستعرف على طهارة المحل بعد الاستجمار وهو مخالف للأدلة القطعية الدالة على نجاسة الغايط اللهم الا ان يمنع صدق الغايط عليها ويلتزم بوجوب ازالتها في الغسل لأدلة الغسل الظاهرة بعد ضم بعضها إلى بعض في اذهاب الأثر والتنظيف العرفي وهو المراد بالنقاء في حسنة بن المغيرة ورواية ابن أبي العلاء المتقدمين ويؤيد ذلك أن الواجب في الاستنجاء هو اذهاب الغايط اجماعا ونصا في موثقة يونس بن يعقوب المتقدمة فلو كان الأثر غايطا لزم مخالفة النص وكيف كان فلا اشكال في أنه (لا اعتبار بالرايحة) المجردة التي من قبيل العرض الباقي في محل النجاسة واليد بلا خلاف لقوله (ع) في حسنة ابن المغيرة قلت ينقى ماثمة ويبقى الريح لا ينظر إليه نعم لو كان الرايحة في الماء نجس ونجس محله والعفو عنه كما يوهمه المحكي عن الشهيد لاوجه له نعم لو شك في قيام الرايحة بالماء أو المحل بالطهارة ويحتمل استصحاب النجاسة (وإذا تعدى الغايط المخرج) مخرج النجو كما في المبسوط والغنية وكتب الفاضلين والشهيد والمحقق الثاني أو حواشي الدبر كما فسره به الشهيد الثاني