وهو بلوغ الانسان حدا يستنكف بحبلته عن النظر إلى سوأته ثم الحفظ الواجب يتحقق بعدم تعريض العورة للنظر بالكشف في موضوع لا يا من عن وجود الناظر فيه أو تجدده واما النظر ففي كون حرمته كذلك فيحرم الوقوف من دون غض في موضع لا يا من وقوع نظره على المحرم أولا وجهان من اطلاق الامر بغض البصر آية ورواية ومن ظهور إرادة غضه عن المحرم والأول أقوى والثاني أحوط (ويستحب ستر البدن كله) بقعوده في مكان لا يراه الناس لقوله (ع) في مدح النبي صلى الله عليه وآله انه لم ير على بول ولا غايط وفى مدح لقمن على نبينا واله وعليه السلام انه لم يره أحد على بول ولا غائط ولا اغتسال لشدة تستره وتحفظه وقوله (ع) من اتى الغايط فتستر أما ستر بدنه بعباء ونحوه كما يقتضيه مقابلة البدن بالعورة في عبارة المصنف قده فلم أعثر على دليل استحبابه (ويحرم استقبال القبلة) عينا أو جهة واستدبارها بمقاديم بدنه ومنها أصل القضيب و البيضتان فالمستلقى على القبلة مستقبل خصوصا إذا رفع ساقيه وبال أو تغوط أو مستدبر وكذا المضطجع الموجه إلى القبلة وبالجملة فالاستقبال بالنسبة إلى الكل شئ واحد والاختلاف في هيئات المستقبل وما اختاره من الحرمة هو المشهور وفى الغنية كما عن الخلاف عليه الاجماع ويشهد له ظواهر اخبار غير نقية السند أو الدلالة ومن ثم اختار بعض الكراهة والعمل على المشهور ثم إن في غير واحد من الاخبار حرمة استقبال القبلة ببول ولا غايط وبمثله عبر جماعة وظاهره انه لو انحرف بعورته عن القبلة حين البول لم يضر الاستقبال بساير بدنه وأظهر من ذلك قول الشهيد في الألفية ويجب ستر العورة والانحراف عن القبلة بها قبل ويظهر ذلك من التفتيح حيث حرم الاستقبال بالفرج دون الوجه والبدن فمن بال مستقبلا و حرفت ذكره عنها لم يكن عليه باس أقول الظاهر أن هذا التفريع استنباط من الناضر في عبارة التفتيح والا فصرف طرف الذكر وعن القبلة لا يوجب انحراف تمام الفرج عنها قال شارح الموجز في شرح قول أبى العباس قدس سره ويجتنب القبلة وعكسها عند الحاجة بفرجه إلى اخره وانما قال بفرجه لم يقل بالبول لان المحرم هو الاستقبال بالفرج لا بالبول فلو استقبل بفرجه وميل إحليله إلى غير القبلة وبال كما يفعله بعض الجهال لم يجز إذ لا فرق بين أصل الفرج وطرفه انتهى اللهم الا ان يدعى ان الظاهر من الاستقبال بالفرج جعل رأس الفرج مما يلي القبلة فالقضيب إذ انحرف رأسه عن القبلة لم يستقبل به ولذا تكلم غير واحد في عبارة الشهيد في الألفية واستظهر بعضهم منها كفاية إمالة طرف القضيب لصدق الانحراف بها واخر فجعل باء التعدية متضمنا لمعنى المصاحبة فمعنى سرت به أو ذهبت به أخذته معي في السير والذهاب ورده الأول بتصريح جماعة على عدم الفرق بن همزة التعدية وبائها ونقضه اخر بقوله تعالى ذهب الله بنورهم لكن هذا كله مستغنى عنه بحمل العورة على مجموع القبل والدبر إذ الانسان لا تمكنه الانحراف بها الا بانحراف بدنه عن القبلة نعم لو أريد خصوص العورة التي يتخلى خصوص العورة التي يتخلى منها أعني المخرجين فلا باس باستقبال البيضتين القبلة مع انحراف مخرج البول لأنه لم يستقبل القبلة ببول صح ما ذكر من أن ترك الاستقبال بالعورة يتحقق بتحريفها خصوصا مع تصريح الأخبار باستقبال القبلة ببول أو غايط الا انها واردة مورد الغالب من ملازمة الاستقبال بالبول الاستقبال بالبدن وندرة الانحراف بخصوص الفرج كما أنه يمكن دعوى ذلك في المطلقات منه الظاهرة في استقبال نفس المتخلي بان المناط الاستقبال بخصوص العورة الا انه لما كان محققا في الغالب باستقبال الشخص وقع النهى عن الجلوس مستقبلا لئلا يقع العورة إلى القبلة لكن هذا بعيد في اخبار الاستدبار فان الظاهر منها مرجوحته الاستدبار من حيث مخالفته لاحترام القبلة وخصوص العورة لادخل لها في هذا المعنى لان البول على ظهر القبلة وكذا مواجهته بمقدم القضيب لا ينافي احترامها بخلاف جلوس الشخص مستدبرا لها لهذا الفعل فقد يمكن ان يلاحظ فيه نوع من الإهانة وكيف كان والمشهور هو المتعين بل لم نجد من صرح بخلافه وان حكى عن مجمع الفوائد انه نسب ذلك إلى توهم بعض وحكاه في الحدائق صريحا والأحوط الجمع بين الانحراف بتمام البدن والعورة معا فلا يدير العورة إلى طرف القبلة إذا كان غير مستقبل ببدنه ويستوى (في ذلك الصحارى والأبنية) لاطلاق الاخبار وضعف ما استدل به للجواز في الأبنية كما سيجئ {و} حينئذ {يجب الانحراف} بالبدن أو العورة {عن القبلة في موضع قد بنى على ذلك} ان أمكن والا لم يقعد في ذلك الموضع مع التمكن من غيره وعليه يحمل صحيحة ابن بزيع قال دخلت على أبى الحسن (ع) وفى منزله كنيف مستقبل القبلة وسمعته يقول من بال حذاء القبلة ثم ذكر فانحرف عنها اجلا لا للقبلة وتعظيما لها لم يقم من مقعده ذلك حتى يغفر له ورواه البرقي في المحاسن فإنه لو سلم ان بناء الكنيف كان بأمر الإمام (ع) وان المراد بالكنيف المقعدة دون بيت الخلاء لم يدل ذلك على جواز القعود للتخلي على وضع البناء نعم في ذلك الرواية اشعار بكون الترك مستحبا لان المناسب في مقام بيان لطف الواجب ذكر العقاب المتوعد على تركه مقتصرا عليه أو مع ذكر الثواب الموعود على فعله كما في الصلاة دون الاقتصار على ذكر الثواب المقر عند بيان المستحبات لكن هذا الاشعار لا يرفع به اليد عن ظواهر الاخبار ثم إنه لو اشتبه القبلة وجب الفحص لثبوت النهى عن الاستقبال والاستدبار ولا يحصل الاجتناب عن النهى عنه الا بالفحص فلو لم يحصل الا الظن ففي وجوب العمل به وجه لعدم استقلال العقل بالتخيير بين الجهات في مثله والالتزام بسقوط التكليف مخالف لاطلاق الأدلة الا ان يدعى اختصاصها بصورة التمكن المفقود مع عدم العلم فتأمل ولو دار الامر بين الاستقبال والاستدبار ارتكب الثاني لأنه أهون ولو دار الامر بين أحدهما وبين كشف العورة فالظاهر أهمية الستر ثم مقتضى الأصل الاقتصار في التحريم على حال التخلي فيجوز عند الاستبراء والاستنجاء لكن في
(٦٩)