عن خصوص الريح قرينة على إرادة الغسل بالماء الذي لا يبقى معه في بعض الأوقات الا الريح بشهادة الريح الموجود في اليد وتوهم ان النقاء في كل شئ نجسه فاسد لان النقاء الواقع حدا ليس المراد به الطهارة الشرعية كيف وقد جعل في هذا الخبر مدا لها بل المراد به معناه اللغوي أعني النظافة المستعملة عرفا في زوال العين والأثر كما تقدم في رواية ابن أبي العلاء الواردة في غسل الثوب مرتين مرة للإزالة ومرة للنقاء واخرى في الأعم من زوال الأثر الصادق مع زوال العين فقط لكن بشرط القرينة مثل نسبة إلى الحجر فقط كما في قول الفقهاء إذا لم ينق المخرج بثلاثة أحجار وجب الزايد وقد عرفت ان شيئا من المعنين لا يلايم إرادة العموم من الاستنجاء هذا كله مضافا إلى معارضته بما دل على وجوب الثلاثة فيمكن حمل الحسنة على نفى التحديد في الطرف الزايد على الثلاثة إذا لم ينق بها ويحال التحديد في طرف الناقص على ما هو الغالب من عدم النقاء بما دون الثلاثة لكن الانصاف حينئذ ان حمل تلك الأخبار على الغالب من عدم النقاء بما دون الثلاثة أظهر فالعمدة ما عرفت من عدم عموم الرواية للاستجمار واما رواية يونس بن يعقوب فمورد السؤال فيها الوضوء وهو ظاهر في التطهر بالماء كما يدل عليه الرواية المتقدمة سابقا من أن الناس كانوا يستنجون ثم أحدث الوضوء وحينئذ فالمراد ذهاب الغايط بالماء وانما عبر فيه بالإذهاب وفى الذكرى بالغسل للاستهجان بذكر الدبر دون الذكر كما لا يخفى ان اللازم في تطهير المخرج هو الا ذهاب عينا واثرا دون مجرد الغسل المجامع لبقاء الأثر أو للتوسع في العبارة وبالجملة فليس في العدول عن الغسل إلى الا ذهاب ظهورا في إرادة الا ذهاب ولو بالاستجمار ولو بحجر واحد بحيث يزاحم ظهور لفظ الوضوء في إرادة التنظف بالماء مع أن المزاحمة كافية في سقوط الاستدلال ويحتمل بعيد الإرادة الطهارة من الحدث بقرينة قوله لمن جاء من الغائط الظاهر في الفراغ عن الاستنجاء فيكون ذكر غسل الذكر واذهابه تطفلا لكن لا يناسبه الجواب عن الوضوء المفترض بقوله ثم توضأ مرتين مرتين فان التعدد في الغسلات غير واجب اجماعا بل الخلاف في جوازه مع أن ذكر الاستنجاء تطفلا يخرج الاطلاق عن قابلية الاستدلال لعدم سوق الكلام لبيان تفاصيله نظير قوله إذا فرغت من الاستنجاء فافعل كذا وإذا نسيت الاستنجاء فأعد صلاتك في عدم جواز التمسك باطلاق لفظ الاستنجاء في هذا الكلام ومن ذلك يظهر فساد ما وقع من التمسك في المقام باطلاقات الاستنجاء بناء على ما في الصحاح والقاموس من الإشارة إلى المعنى المعهود عرفا لهذا اللفظ وهو الغسل بالماء أو المسح مطلقا كما في الصحاح أو بالحجر كما عن القاموس مع أن اللازم عليه ان يجعل المسح بغير الحجر خارجا عن مسمى الاستنجاء تبعا للقاموس وكذا غسل مخرج البول خارجا عنه لغة فيعلم من ذلك كله ان لا اعتبار بمثل هذه الاطلاقات والتقييدات في كلام أهل اللغة المسوقة للإشارة إلى المعنى المعهود أو كلام الشارع أو الفقهاء المسوق لذلك بل نزل تقييداتهم على ذكر الفرد الغالب من باب المثال واطلاقاتهم على الإشارة إلى المعنى المعهود المعلوم تفاصيله من مقام اخر ومما ذكرنا ظهر ضعف القول بعدم التحديد بالثلاثة وكفاية ما يحصل به النقاء كما يحكى عن ظاهر جماعة ممن تقدم على المحقق كابن حمزة وابن زهرة والقاضي وصريح جماعة ممن تأخر عنه كالعلامة في المختلف وصاحبي المدارك والذخيرة وغيرهما وحكاه في السرائر والتذكرة والروض عن المفيد والموجود في المقنعة في باب التيمم قوله فإن كان حدثه من الغايط استبرأه بثلاثة أحجار طاهرة لم تستعمل في إزالة نجاسة قبل ذلك يأخذ منها حجرا فيمسح بها مخرج النجو ثم يلقيه ويأخذ الحجر الثاني فيمسح به الموضع ويلقيه ويمسح بالثالث ولا يجوز له التطهير بحجر واحد انتهى واعلم أن ظاهر المعتبر و المنتهى عدم الفرق بين الحجر وغيره في عدم الاكتفاء بالأقل من ثلاث مسحات ولولا ذلك أيضا لكفى الأصل في لزوم التعدد فيه بناء على أن المذكور في الاخبار بلفظ الواحد كالكرسف والمدر والعود ونحو ذلك يراد به بيان الجنس وليس في مقام بيان المقدار الكافي نظير قولهم لا يجزى في البول الا الماء ثم إن المناسب للقول المشهور ما تقدم من المفيد قده ووافقه المصنف قده بل عن المفاتيح وشرحها نسبة إلى المشهور من أنه (يجب امرار كل حجر على موضع النجاسة) ليتحقق تكرار المسح المقصود من التثليث والا فلا فرق بين إزالة ما في موضع النجو بحجر واحد وبين توزيع الاحجار الثلاثة على اجزاء الموضع خصوصا مع كون ما في كل جزء منه أزيد من مجموع ما على الموضع في الصورة الأولى لكن الانصاف ان هذه مناسبة اعتبارية لا يصح الركون إليها بل يجب متابعة ظاهرا النص ولذا جوز كثير ممن قال بوجوب الثلاث جواز التوزيع استناد إلى اطلاق النص كما صرح بالحكم والمستند الشيخ والفاضلان والشهيدان بل عن الذخيرة انه المعروف من مذهب الأصحاب وقد نبه في المعتبر بعد جمعه بين وجوب التثليث على ما ذكرنا من الابهام والدفع بقوله قده لا يقال إذا قسمت الاحجار على المحل جرت مجرى المسحة الواحدة لان المسحة الواحدة لا يتحقق معها التعدد وبالجملة فما اختاره المصنف هنا هو الأقوى للأصل وعدم اطلاق بل الظاهر من اخبار التثليث بحكم الغلبة إرادة تكرار المسح على الموضع واما اطلاق النقاء في حسنة ابن المغيرة واذهاب الغايط في موثقة يونس فقد عرفت حاله ويؤيده قوله (ع) فيما تقدم من صحيحة زرارة جرت السنة في اثر الغايط بثلاثة أحجار ان يمسح العجان فان العجان المراد به هنا الدبر ظاهر في مجموعه ثم الظاهر لا كيفية في المسحات المتكررة نعم ذكر في التذكرة ان الأحوط ان يمسح بكل حجر مجموع الموضع بان يضع واحدا على مقدم الصفحة اليمنى ويمسحها به إلى مؤخرها ويديره إلى الصفحة اليسرى فيمسحها من مؤخرها إلى مقدمها فيرجع إلى الموضع الذي بدا منه ويضع الثاني على مقدم الصفحة اليسرى ويفعل به عكس ما ذكرنا ويسمح بالثالث الصفحتين والوسط انتهى ونحوه عن نهايته وعن الإسكافي انه جعل حجرا
(٧٤)