وروى أبو إسحاق قال لما اشتد الحصار بعثمان عمد بنو أمية على إخراجه ليلا إلى مكة وعرف الناس فجعلوا عليه حرسا وكان على الحرس طلحة بن عبيد الله وهو أول من رمى بسهم في دار عثمان، قال وأطلع عثمان وقد اشتد به الحصار وظمأ من العطش فنادى أيها الناس اسقونا شربة من الماء واطعمونا مما رزقكم الله فناداه الزبير بن العوام: يا نعثل لا والله لا تذوقه.
وروى أبو حذيفة القرشي عن الأعمش عن حبيب بن ثابت عن تغلبة بن يزيد الحماني قال أتيت الزبير وهو عند أحجار الزيت فقلت له يا أبا عبد الله قد حيل بين أهل الدار وبين الماء فنظر نحوهم وقال وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب فهذه الأحاديث في جملة كثيرة في هذا المعنى وهي كاشفة عما ذكرناه من أدغال القوم من التظاهر بطلب دم عثمان وهم تولوا سفكه ولم يظهر أحد منهم إلا الذم عليه، ولما بايع الناس عليا أظهروا الندم على ما فرط منهم وقرفوا بما صنعوا وأثاروا الفتنة التي رجع عليهم ما كانوا آملوه فيها منه وهو الظاهر منهم والباطن كان مخالفا للظاهر منهم فيما ادعوه بعثمان.
إنكار عائشة على عثمان:
فأما تأليب عائشة على عثمان فهي أظهر مما وردت به الأخبار من تأليب طلحة والزبير عليه، فمن ذلك ما رواه محمد بن إسحاق صاحب السيرة عن مشايخه عن حكيم بن عبد الله قال دخلت يوما بالمدينة إلى المسجد فإذا كف مرتفعة وصاحب الكف يقول: أيها الناس العهد قريب هذان نعلا رسول الله (1) وقميصه وكأني أرى ذلك القميص