الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ٢٨
يطلع رأسك وأضراسك إلى الدنيا، قال الأعرابي: ما عندك إلا ما أرى؟ قال الغضبان:
بل عندي هراوتان أضرب بهما رأسك حتى يثتثر دماغك. قال الأعرابي: إنا لله وإنا إليه راجعون. قال الغضبان: أظلمك أحد؟ قال الأعرابي: ما أرى. ثم قال الأعرابي:
يا آل حارث بن كعب، فقال الغضبان: بئس الشيخ ذكرت. قال الأعرابي: ولم ذلك؟
قال الغضبان: لأن إبليس يسمى حارثا. قال الأعرابي: إني لأحسبك مجنونا. قال الغضبان:
اللهم اجعلني من خيار الجن. قال الأعرابي: إني لأظنك حروريا (1). قال الغضبان:
اللهم اجعلني ممن يتحرى الخير. قال الأعرابي: إني لأراك منكرا. قال الغضبان. إني لمعروف فيما أوتي. فولى عنه وهو يقول: إنك لبذخ أحمق، وما أنطق الله لسانك إلا بما أنت لاق وعما قليل تلتف ساقك بالساق. فلما قدم الغضبان على الحجاج قال له: أنت شاعر؟
قال: لست بشاعر، ولكني خابر. قال: أفعراف أنت؟ قال: بل وصاف. قال: كيف وجدت أرض كرمان؟ قال الغضبان: أرض ماؤها وشل (2)، وسهلها جبل، وثمرها دقل (3)، ولصها بطل، إن كثر الجيش بها جاعوا، وإن قل بها ضاعوا. قال: صدقت، أعلمت من كان الأعرابي؟ قال: لا، قال: كان ملكا خاصمك، فلم تفقه عنه لبذخك، اذهبوا به إلى السجن فإنه صاحب المقالة: تغد بالحجاج قبل أن يتعشى بك. وأنت يا غضبان قد أنذرك خصمك على نطق لسانك، فما الذي به دهاك؟ قال الغضبان: جعلني الله فداك أيها الأمير، أما إنها لا تنفع من قيلت له، ولا تضر من قيلت فيه. فقال الحجاج: أجل ولكن أتراك تنجو مني بهذا؟ والله لأقطعن يديك ورجليك، ولأضربن بلسانك عينيك. قال الغضبان:
أصلح الله الأمير، قد آذاني الحديد وأهون ساقي القيود، فما يخاف من عدلك البرئ، ولا يقطع من رجائك المسئ. قال الحجاج: إنك لسمين. قال الغضبان: القيد والرتعة (4)، ومن يك ضيف الأمير يسمن. قال: إنا حاملوك على الأدهم (5) قال الغضبان: مثل

(1) حروري: نسبة إلى حروراء قرية قرب الكوفة ظهر بها الخوارج، يريد أني لأظنك من الخوارج.
(2) وشل: قليل.
(3) الدقل: أردأ التمر.
(4) الرتعة: عدم المسؤولية:
(5) الأدهم: أصله في اللغة الأسود ولكنه يطلق على قيد الحديد لأن الحديد أسود وصار علما عليه.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175