الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ٢٤
له عبد الملك: أنت له فاخرج إليه، فخرج إليه الحجاج في ألف وخمس مئة رجل من رجال أهل الشام حتى نزل الطائف، وجعل عبد الملك يرسل إليه الجيوش رسلا، حتى توافي الناس عنده قدر ما يظن أنه يقدر على قتال عبد الله بن الزبير، وكان ذلك في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين فسار الحجاج من الطائف، حتى نزل منى، فحج بالناس وعبد الله بن الزبير محصور بمكة، ثم نصب الحجاج المنجنيق على أبي قبيس، ونواحي مكة كلها، فرمى أهل مكة بالحجارة، فلما كانت الليلة التي قتل في صبيحتها، جمع عبد الله بن الزبير القرشيين، فقال لهم: ما ترون؟ فقال رجل منهم من بني مخزوم: والله لقد قاتلنا معك حتى ما نجد مقاتلا، لئن صبرنا معك ما نزيد على أن نموت معك، وإنما هي إحدى خصلتين: إما أن تأذن لنا فنأخذ الأمان لأنفسنا ولك، وإما أن تأذن لنا فنخرج. فقال عبد الله قد كنت عاهدت الله أن لا يبايعني أحد، فأقيله بيعته إلا ابن صفوان. قال ابن صفوان: والله إنا لنقاتل معك، وما وفيت لنا بما قلت، ولكن خذني لحفيظة أن لا أدعك عند مثل هذه حتى أموت معك. فقال رجل آخر: اكتب إلى عبد الملك. فقال له عبد الله: وكيف؟ أأكتب إليه: من عبد الله أبي بكر أمير المؤمنين، فوالله لا يقيل هذا مني أبدا، أم أكتب إليه: لعبد الملك أمير المؤمنين من عبد الله بن الزبير، فوالله لأن تقع الخضراء على الغبراء أحب إلي من ذلك. قال عروة أخوه وهو جالس معه على السرير:
يا أمير المؤمنين، قد جعل الله لك أسوة. فقال عبد الله: من هو أسوتي؟ قال: الحسن بن علي ابن أبي طالب، خلع نفسه وبايع معاوية. فرفع عبد الله رجله وضرب عروة حتى ألقاه ثم قال: يا عروة، قلبي إذن مثل قلبك، والله لو قبلت ما تقولون ما عشت إلا قليلا، وقد أخذت الدنية، وما ضربة بسيف إلا مثل ضربة بسوط، لا أقبل شيئا مما تقولون. قال: فلما أصبح دخل على بعض نسائه فقال: اصنعي لي طعاما، فصنعت له كبدا وسناما. قال: فأخذ منها لقمة فلاكها ساعة، فلم يسغها فرماها، وقال: اسقوني لبنا، فأتى بلبن فشرب، ثم قال هيئوا لي غسلا، قال: فاغتسل، ثم تحنط وتطيب، ثم تقلد سيفه وخرج وهو يقول:
ولا ألين لغير الحق أسأله * حتى يلين لضرس الماضغ الحجر ثم دخل على أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وهي عمياء من الكبر، قد بلغت من السن مئة سنة. فقال لها: يا أماه، ما ترين؟ قد خذلني الناس وخذلني أهل بيتي. فقالت: يا بني لا يلعبن بك صبيان بني أمية، عش كريما، ومت كريما. فخرج وأسند ظهره إلى الكعبة، ومعه نفر يسير فجعل يقاتل بهم أهل الشام، فيهزمهم، وهو يقول: ويل أمه فتحا لو كان له رجال! قال: فجعل الحجاج يناديه: قد كان لك رجال، ولكنك ضيعتهم. قال: فجاءه حجر
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175