الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٨
ذلك قبلك. فقال شيخ من الأزد، كان ضخم الهامة، وكانت له ضفيرتان، فعصب لذلك بالسير قال ابن عباس: فذكرت ذلك لعمرو بن هرم، وكان معنا بواسط. فقال: حدثك من لا يعرف هذا شئ كانت العرب تصنعه إذا أراد الرجل الاعتذار من الذنب، عصب السير ليعلموا أنه معتذر. قال: فأقبل مسعود حتى انتهى إلى باب المسجد، ومعه أصحابه رجالة، بيت يديه وخلفه وكان كبيرا فلم يستطع النزول والقبائل في المسجد بأجمعها، فدخل المسجد بدابته، فبصرت به الخوارج، فظنوا أنه عبيد الله، فأقبلوا نحوه متقلدين السيوف، وجال الناس جولة، فضربوه بأسيافهم حتى مات. قتله نفر من بني حنيفة من الخوارج، وجال الناس ونهضوا من مجالسهم، وبلغ ذلك الأزد، فأقبلوا على كل صعب وذلول، وأقبل عباد بن الحصين لينظر إلى عبيد الله فإذا هو بمسعود. فقال: مسعود ورب الكعبة، إنا لله وإنا إليه راجعون، أبا قيس قد وفيت، ما كان أغنى أهل مصرك بما صنعت من ذلك، فجعتهم بنفسك. ثم ألقي عليه كساءه، ثم أقبلت الأزد، فكان بينهما وبين مضر ما وقع ذكره في غير هذا الكتاب حتى اصطلحوا، وتراضوا على بيعة ابن الزبير. قال الهيثم: قال ابن عباس: حدثني عوكل اليشكري قال: إنا مع عبيد الله بن زياد في ليلة مظلمة، فإذا نحن بنار من بعد. فقال عبيد الله: يا عوكل كيف الطريق؟ قال:
اجعل النار على حاجبك، فقال: بل على حاجبك. قال عوكل: فوالله إنا لنسير بالسمارة، إذ قال عبيد الله: قد كرهت البعير، فابغوا لي ذا حاقر. قال: فإذا نحن بأعرابي من كلب معه حمار أقمر ضخم. فقلت: تبيعه بكم؟ فقال: بأربع مئة درهم، لا أنقصكم درهما، فأشار إلينا عبيد الله أن خذوه. قال: فجعلنا ننقده الدراهم. قال: لست أدري ما هذه؟ ولكن بيني وبينكم هذا المولى، يعني عبيد الله بن زياد، وكان عبيد الله أحمر أقمر، شبيها بالموالي. قال: فأخذناه منه فقال عبد الله: إرحلوا لي عليه، فرحلنا له عليه، فلما قدم ليركب، قال الأعرابي: أنا أقسم بالله إن لكم لشأنا، وما أظن صاحبكم إلا والي العراق، فاستقفاه عبيد الله بالعصا، فضربه بها، فوقع، ثم شدوه وثاقا. قال: وجعلوا يتجنبون المياه. قال عوكل: ثم إن عبيد الله بيننا هو على راحلته، إذ هجعت عينه. فقلت له: أراك نائما. فقال: ما كنت بنائم. فقلت له:
ما أعلمني بما كنت تحدث به نفسك قال: وبأي شئ كنت أحدث نفسي؟ قال: قلت: ليتني لم ابن البيضاء (1)، ولم أستعمل الدهاقين (2)، وليتني لم أتخذ المحاربة، قال: ما خطر لي هذا على بال، أما قولك: ليتني لم ابن البيضاء، فما كان على منها إثم، بناها اليزيد من ماله، وأما استعمال

(1) البيضاء: البيضاء دار بالبصرة لعبيد الله بن زياد.
(2) الدهاقين جمع دهقان وهو رئيس التجار.
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175