أيدينا الآن، وسنتحدث عنه حديثا خاصا في ترجمة تفردها له فيما يلي إن شاء الله تعالى، ومحمد بن عمر بن واقد الواقدي، مولى بنى هاشم - ويقال: مولى بنى سهم ابن أسلم - المتوفى في أواخر العقد الأول من القرن الثالث.
ثم جاء من بعد هؤلاء محمد بن سعد صاحب الطبقات الكبرى، وهو راوية الواقدي الذي ذكرناه في أعيان الطبقة السابقة، وزياد بن عبد الله البكائي، وهو راوية ابن إسحاق صاحب أصل هذه السيرة.
وجاء من بعد ذلك أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب، الحميري، البصري، المصري، المتوفى في أوائل أو أخريات العقد الثاني من القرن الثالث أو في أوائل العقد الثالث منه، وهو الذي انتهت إليه سيرة ابن إسحاق، ووقف عنده علمها، وإليه اليوم تنسب، حتى لم يعد أكثر الناس يعرفها إلا باسم " سيرة ابن هشام " وستعلم مبلغ أثره فيها متى أفضى بنا القول إلى الحديث عن هذا الكتاب.
وقد ضاعت مصنفات الطبقتين الأولى والثانية ممن ذكرنا في هذه الكلمة، وعدا عليها الزمن فيما عدا عليه من علوم المسلمين ومصنفاتهم، فلم يعد لنا من هذه الكتب إلا اسمها الذي تجده في بعض مؤلفات المتقدمين من أمثال ابن النديم وبعض نقول عنها نجدها منتثرة في ثنايا مصنفات من جاء بعدهم من العلماء كالطبري وابن سعد والواقدي والبلاذري، ولولا هؤلاء الاعلام لما علمنا عن تصنيف هاتين الطبقتين شيئا، ولا بلغنا من علمهم قليل ولا كثير.
فأما الطبقة الثالثة فهذا الكتاب الذي نعاني إخراجه اليوم أحد ثمرات رجل من رجالها هو محمد بن إسحاق، وإن لم يكن الكتاب الذي تراه هو المؤلف الذي وضعه محمد بن إسحاق، وقد بقى لنا من مؤلفات هذه الطبقة أيضا كتاب " المغازي " الذي صنفه محمد بن عمر الواقدي، وأما كتب موسى بن عقبة ومعمر ابن راشد فقد لحقت بآثار الطبقتين السابقتين، والامر لله الواحد القهار.
فكتاب السيرة الذي تقدمه اليوم للقراء أقدم أثر وصل إلينا من آثار