ذكر [بعض] ما لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه من الأذى فجعلت قريش - حين منعه الله منها، وقام عمه وقومه من بنى هاشم وبنى المطلب دونه، وحالوا بينهم وبين ما أرادوا من البطش به - يهمزونه ويستهزئون به ويخاصمونه، وجعل القرآن ينزل في قريش بأحداثهم، وفيمن نصب لعداوته منهم، فمنهم من سمى لنا، ومنهم من نزل فيه القرآن في عامة من ذكر الله من الكفار، فكان ممن سمى لنا من قريش ممن نزل فيه القرآن: عمه أبو لهب بن عبد المطلب، وامرأته أم جميل بنت حرب بن أمية، حمالة الحطب، وإنما سماها الله تعالى حمالة الحطب، لأنها كانت - فيما بلغني - تحمل الشوك فتطرحه على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يمر، فأنزل الله تعالى فيهما: {تبت يدا أبى لهب وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى نارا ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب * في جيدها حبل من مسد - سورة المسد} قال ابن هشام: الجيد: العنق. قال أعشى بنى قيس بن ثعلبة:
يوم تبدى لنا قتيلة عن جيد * أسيل تزينه الأطواق وهذا البيت في قصيدة له. وجمعه: أجياد. المسد: شجر يدق كما يدق الكتان فتفتل منه حبال. قال النابغة الذبياني، واسمه زياد بن عمرو بن معاوية:
مقذوفة بدخيس النحض بازلها * له صريف صريف القعو بالمسد وهذا البيت في قصيدة له. وواحدته: مسدة.
قال ابن إسحاق: فذكر لي أن أم جميل: حمالة الحطب، حين سمعت ما نزل فيها وفى زوجها من القرآن، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس في المسجد عند الكعبة ومعه أبو بكر الصديق، وفى يدها فهر من حجارة، فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ترى