قال ابن إسحاق: وحدثني هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قصب، لا صخب فيه ولا نصب.
قال ابن هشام: القصب [ههنا]: اللؤلؤ المجوف. قال ابن هشام: وحدثني من أثق به: أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:
أقرى خديجة السلام من ربها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خديجة هذا جبريل يقرئك السلام من ربك، فقالت خديجة: الله السلام، ومنه السلام، وعلى جبريل السلام.
قال ابن إسحاق: ثم فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة من ذلك حتى شق [ذلك] عليه فأحزنه، فجاءه جبريل بسورة الضحى، يقسم له ربه، وهو الذي أكرمه بما أكرمه به، ما ودعه وما قلاه، فقال تعالى: {والضحى والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى} يقول: ما صرمك فتركك، وما أبغضك منذ أحبك. {وللآخرة خير لك من الأولى} أي: لما عندي من مرجعك إلى، خير لك مما عجلت لك من الكرامة في الدنيا.
{ولسوف يعطيك ربك فترضى} من الفلج في الدنيا، والثواب في الآخرة.
{ألم يجدك يتيما فآوى * ووجدك ضالا فهدى * ووجدك عائلا فأغنى} يعرفه الله ما ابتدأه به من كرامته في عاجل أمره، ومنه عليه في يتمه وعيلته وضلالته، واستنقاذه من ذلك كله برحمته.
قال ابن هشام: سجى: سكن. قال أمية بن أبي الصلت [الثقفي]:
إذ أتى موهنا وقد نام صحبي * وسجا الليل بالظلال البهيم وهذا البيت في قصيدة له، ويقال للعين إذا سكن طرفها ساجية، وسجا طرفها.
قال جرير [بن الخطفى]:
ولقد رمينك حين رحن بأعين * يقتلن من خلل الستور سواجي