قصة ملك الحضر قال ابن هشام: وحدثني خلاد بن قرة بن خالد السدوسي عن جناد - أو عن بعض علماء أهل الكوفة بالنسب - أنه يقال: إن النعمان بن المنذر من ولد ساطرون ملك الحضر. والحضر: حصن عظيم كالمدينة، كان على شاطئ الفرات، وهو الذي ذكر عدى بن زيد في قوله:
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة * تجبى إليه والخابور شاده مرمرا وجلله كأسا *، فللطير في ذراه وكور لم يهبه ريب المنون فبان الملك * عنه فبابه مهجور قال ابن هشام: وهذه الأبيات في قصيدة له.
والذي ذكره أبو داود الأيادي في قوله:
وأرى الموت قد تدلى من الحضر على رب أهل الساطرون وهذه البيت في قصيدة له. ويقال: إنها لخلف الأحمر، ويقال: لحماد الرواية.
وكان كسرى سابور ذو الأكتاف غزا ساطرون ملك الحضر، فحصره سنتين، فأشرفت بنت ساطرون يوما فنظرت إلى سابور وعليه ثياب ديباج، وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ، وكان جميلا، فدست إليه: أتتزوجني إن فتحت لك باب الحضر؟ فقال: نعم، فلما أمسى ساطرون شرب حتى سكر، وكان لا يبيت إلا سكران، فأخذت مفاتيح باب الحضر من تحت رأسه، فبعثت بها مع مولى لها، ففتح الباب، فدخل سابور فقتل ساطرون، واستباح الحضر وخربه، وسار بها معه وتزوجها. فبينا هي نائمة في فراشها ليلا إذ جعلت تتململ لا تنام، فدعا لها بشمع، ففتش فراشها، فوجد عليه ورقة آس، فقال لها سابور: أهذا الذي أسهرك؟ قالت: نعم،