وقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقال لها: ارجعي إلى مكانك، قال: فرجعت إلى مكانها.
قال: فذهب ركانة إلى قومه فقال: يا بنى عبد مناف، ساحروا بصاحبكم أهل الأرض، فوالله ما رأيت أسحر منه قط، ثم أخبرهم بالذي رأى والذي صنع.
أمر وفد النصارى الذي أسلموا قال ابن إسحاق: ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بمكة، عشرون رجلا أو قريب من ذلك من النصارى، حين بلغهم خبره من الحبشة، فوجدوه في المسجد، فجلسوا إليه وكلموه وسألوه، ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة، فلما فرغوا من مسألة رسول الله صلى الله عليه وسلم عما أرادوا، دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل وتلا عليهم القرآن. فلما سمعوا القرآن فاضت أعينهم من الدمع، ثم استجابوا له، وآمنوا به، وصدقوه وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره. فلما قاموا عنه اعترضهم أبو جهل بن هشام في نفر من قريش، فقالوا لهم: خيبكم الله من ركب!
بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل، فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم، وصدقتموه بما قال! ما نعلم ركبا أحمق منكم - أو كما قالوا - فقالوا لهم: سلام عليكم، لا نجاهلكم، لنا ما نحن عليه ولكم ما أنتم عليه، لم نأل أنفسنا خيرا.
ويقال: إن النفر من النصارى من أهل نجران، فالله أعلم أي ذلك كان، فيقال - والله أعلم - فيهم نزلت هؤلاء الآيات {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالوا: آمنا به إنه لحق من ربنا، إنا كنا من قبله مسلمين}. إلى قوله: {لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين - 52 إلى 55 من سورة القصص}.