إبراهيم، وإنه لكما أخبرناك، ولكن أهله حالوا بيننا وبينه بالأوثان التي نصبوها حوله، وبالدماء التي يهريقون عنده، وهم نجس أهل شرك - أو كما قالا له - فعرف نصحهما وصدق حديثهما، فقرب النفر من هذيل، فقطع أيديهم وأرجلهم، ثم مضى حتى قدم مكة، فطاف بالبيت، ونحر عنده، وحلق رأسه، وأقام بمكة ستة أيام - فيما يذكرون - ينحر بها للناس، ويطعم أهلها، ويسقيهم العسل، وأرى في المنام أن يكسوا البيت، فكساه الخصف، ثم أرى أن يكسوه أحسن من ذلك، فكساه المعافر، ثم أرى أن يكسوه أحسن من ذلك، فكساه الملاء والوصائل، فكان تبع - فيما يزعمون - أول من كسا البيت، وأوصى به ولاته من جرهم، وأمرهم بتطهيره، وألا يقربون دما ولا ميتة ولا مئلاة، وهي المحائض، وجعل له بابا ومفتاحا.
وقالت سبيعة بنت الأحب بن زبينة بن جذيمة بن عوف بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان، وكانت عند عبد مناف بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، لابن لها منه يقال له خالد، تعظم عليه حرمة مكة، وتنهاه عن البغي فيها، وتذكر تبعا وتذلله لها، وما صنع بها:
أبني لا تظلم بمكة لا الصغير ولا الكبير واحفظ محارمها بنى ولا يغرنك الغرور أبني من يظلم بمكة يلق أطراف الشرور أبني يضرب وجهه * ويلح بخديه السعير أبني قد جربتها * فوجدت ظالمها يبور الله آمنها، وما * بنيت بعرصتها قصور