غشيتهم فأكلت الأوثان وما قربوا معها، ومن حمل ذلك من رجال حمير، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما تعرق جباههما لم تضرهما، فأصفقت عند ذلك حمير على دينه، فمن هنالك وعن ذلك كان أصل اليهودية باليمن.
قال ابن إسحاق: وقد حدثني محدث أن الحبرين، ومن خرج من حمير إنما اتبعوا النار ليردوها، وقالوا: من ردها فهو أولى بالحق، فدنا منها رجال من حمير بأوثانهم ليردوها، فدنت منهم لتأكلهم، فحادوا عنها ولم يستطيعوا ردها، ودنا منها الحبران بعد ذلك، وجعلا يتلوان التوراة وتنكص [عنهما]، حتى رداها إلى مخرجها الذي خرجت منه، فأصفقت عند ذلك حمير على دينهما، والله أعلم أي ذلك كان.
قال ابن إسحاق: وكان رئام بيتا لهم يعظمونه، وينحرون عنده، ويكلمون [منه] إذا كانوا على شركهم! فقال الحبران لتبع: إنما هو الشيطان يفتنهم بذلك، فحل بيننا وبينه، قال: فشأنكما به، فاستخرجا منه - فيما يزعم أهل اليمن - كلبا أسود فذبحاه، ثم هدما ذلك البيت، فبقاياه اليوم - كما ذكر لي - بها آثار الدماء التي كانت تهراق عليه ملك ابنه حسان بن تبان، وقتل عمرو أخيه [له] فلما ملك ابنه حسان بن تبان أسعد أبى كرب سار بأهل اليمن يريد أن يطأ بهم أرض العرب وأرض الأعاجم، حتى إذا كانوا ببعض أرض العراق قال ابن هشام: بالبحرين، فيما ذكر لي بعض أهل العلم - كرهت حمير وقبائل اليمن المسير معه، وأرادوا الرجعة إلى بلادهم وأهليهم، فكلموا أخا له يقال له عمرو، وكان معه في جيشه، فقالوا له: اقتل أخاك حسان ونملكك علينا، وترجع بنا إلى بلادنا، فأجابهم، فاجتمعوا على ذلك، إلا ذا رعين الحميري، فإنه نهاه عن ذلك، فلم يقبل منه، فقال ذو رعين: