في صدره، ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم، ثم انطلق حتى حضرهم. قالت: فدعونا الله تعالى للنجاشي بالظهور على عدوه، والتمكين له في بلاده، قالت: فوالله إنا لعلى ذلك متوقعون لما هو كائن، إذ طلع الزبير وهو يسعى، فلمع بثوبه وهو يقول: ألا أبشروا، فقد ظفر النجاشي، وأهلك الله عدوه، ومكن له في بلاده، قالت: فوالله ما علمتنا فرحنا فرحة قط مثلها. قالت: ورجع النجاشي، وقد أهلك الله عدوه، ومكن له في بلاده، واستوسق عليه أمر الحبشة، فكنا عنده في خير منزل، حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة.
قصة [ابتداء] تملك النجاشي على الحبشة قال ابن إسحاق: قال الزهري: فحدثت عروة بن الزبير حديث أبي بكر ابن عبد الرحمن عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هل تدرى ما قوله: " ما أخذ الله منى الرشوة حين رد على ملكي فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فأطيع الناس فيه "؟ قال قلت: لا، قال: فإن عائشة أم المؤمنين حدثتني أن أباه كان ملك قومه، ولم يكن له ولد إلا النجاشي، وكان النجاشي عم له من صلبه اثنا عشر رجلا، وكانوا أهل بيت مملكة الحبشة، فقالت الحبشة بينها:
لو أنا قتلنا أبا النجاشي وملكنا أخاه فإنه لا ولد له غير هذا الغلام، وإن لأخيه من صلبه اثنى عشر رجلا، فتوارثوا ملكه من بعده، بقيت الحبشة بعده دهرا، فغدوا على أبى النجاشي فقتلوه وملكوا أخاه، فمكثوا على ذلك حينا.
ونشأ النجاشي مع عمه، وكان لبيبا حازما من الرجال، فغلب على أمر عمه ونزل منه بكل منزلة، فلما رأت الحبشة مكانه [منه] قالت بينها: والله لقد غلب هذا الفتى على أمر عمه، وإنا لنتخوف أن يملكه علينا، وإن ملكه علينا ليقتلنا أجمعين، لقد عرف أنا نحن قتلنا أباه، فمشوا إلى عمه فقالوا: إما أن