ابن عياذ بن يشكر بن عدوان] العدواني. وكانت العرب لا يكون بينها نائرة ولا عضلة في قضاء إلا أسندوا ذلك إليه، ثم رضوا بما قضى فيه. فاختصم إليه في بعض ما كانوا يختلفون فيه، في رجل خنثى، له ما للرجل وله ما للمرأة، فقالوا: أتجعله رجلا أو امرأة؟ ولم يأتوه بأمر كان أعضل منه. فقال: حتى أنظر في أمركم، فوالله ما نزل بي مثل هذه منكم يا معشر العرب! فاستأخروا عنه. فبات ليلته ساهرا، يقلب أمره، وينظر في شأنه، لا يتوجه له منه وجه.
وكانت له جارية يقال لها سخيلة ترعى عليه غنمه، وكان يعاتبها إذا سرحت فيقول: صبحت والله يا سخيل! وإذا أراحت عليه قال: مسيت والله يا سخيل!
وذلك أنها كانت تؤخر السرح حتى يسبقها بعض الناس، وتؤخر الإراحة حتى يسبقها بعض. فلما رأت سهره وقلة قراره على فراشه قالت: مالك لا أبالك!
ما عراك في ليلتك هذه؟ قال: ويلك! دعيني، أمر ليس من شأنك، ثم عادت له بمثل قولها فقال في نفسه: عسى أن تأتى مما أنا فيه بفرج، فقال: ويحك!
اختصم إلى في ميراث خنثى، أأجعله رجلا أو امرأة؟ فوالله ما أدرى ما أصنع، وما يتوجه لي فيه وجه. قال: فقالت: سبحان الله! لا أبالك! أتبع القضاء المبال، أقعده، فإن بال من حيث يبول الرجل فهو رجل، وإن بال من حيث تبول المرأة فهي امرأة. قال: مسي سخيل بعدها أو صبحي، فرجتها والله.
ثم خرج على الناس حين أصبح، فقضى بالذي أشارت عليه به.
غلب قصي بن كلاب على أمر مكة، وجمعه أمر قريش ومعونة قضاعة له قال ابن إسحاق: فلما كان ذلك العام فعلت صوفة كما كانت تفعل، وقد عرفت ذلك لها العرب، وهو دين في أنفسهم في عهد جرهم وخزاعة وولايتهم.
فأتاهم قصي بن كلاب بمن معه من قومه من قريش وكنانة وقضاعة عند العقبة،