الأصنام، فقال لهم: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا له: هذه أصنام نعبدها، فنستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا، فقال لهم: أفلا تعطونني منها صنما، فأسير به إلى أرض العرب، فيعبدوه؟ فأعطوه صنما يقال له هبل، فقدم به مكة فنصبه، وأمر الناس بعبادته وتعظيمه.
قال ابن إسحاق: ويزعمون أن أول ما كانت عبادة الحجارة في بنى إسماعيل، أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن منهم، حين ضاقت عليهم، والتمسوا الفسح (1) في البلاد، إلا حمل معه حجرا من حجارة الحرم تعظيما للحرم، فحيثما نزلوا وضعوه، فطافوا به كطوافهم بالكعبة، حتى سلخ ذلك بهم إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة، وأعجبهم، حتى خلف الخلوف، ونسوا ما كانوا عليه، واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره، فعبدوا الأوثان، وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالات، وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم يتمسكون بها: من تعظيم البيت، والطواف به، والحج والعمرة، والوقوف على عرفة والمزدلفة، وهدى البدن، والاهلال بالحج والعمرة، مع إدخالهم فيه ما ليس منه، فكانت كنانة وقريش إذا أهلوا قالوا:
" لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك ". فيوحدونه بالتلبية، ثم يدخلون معه أصنامهم، ويجعلون ملكها بيده. يقول الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: [وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون] [106 من سورة يوسف] أي ما يوحدونني لمعرفة حقي إلا جعلوا معي شريكا من خلقي.
وقد كانت لقوم نوح أصنام قد عكفوا عليها، قص الله تبارك وتعالى خبرها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: [قالوا لا تذرن آلهتكم، ولا تذرن .