والله آمن طيرها * والعصم تأمن في ثبير ولقد غزاها تبع * فكسا بنيتها الحبير وأذل ربى ملكه * فيها فأوفى بالنذور يمشى إليها حافيا * بفنائها ألفا بعير ويظل يطعم أهلها * لحم المهارى والجزور يسقيهم العسل المصفى والرحيض من الشعير والفيل أهلك جيشه * يرمون فيها بالصخور والملك في أقصى البلاد * وفي الأعاجم والخزير فاسمع إذا حدثت وافهم كيف عاقبة الأمور قال ابن هشام: وهذا الشعر مقيد، والمقيد: الذي لا يرفع ولا ينصب ولا يخفض.
ثم خرج [منها] متوجها إلى اليمن بمن معه من جنوده وبالحبرين، حتى إذا دخل اليمن دعا قومه إلى الدخول فيما دخول فيه، فأبوا عليه، حتى يحاكموه إلى النار التي كانت باليمن.
قال ابن إسحاق: حدثني أبو مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي، قال:
سمعت إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله يحدث: أن تبعا لما دنا من اليمن ليدخلها حالت حمير بينه وبين ذلك، وقالوا: لا تدخلها علينا، وقد فارقت ديننا، فدعاهم إلى دينه، وقال: إنه خير من دينكم، فقالوا: فحاكمنا إلى النار، قال:
نعم، قال: وكانت باليمن - فيما يزعم أهل اليمن - نار تحكم بينهم فيما يختلفون فيه، تأكل الظالم ولا تضر المظلوم، فخرج قومه بأوثانهم وما يتقربون به في دينهم، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما ستقلديها، حتى قعدوا للنار عند مخرجها الذي تخرج منه، فخرجت النار إليهم، فلما أقبلت نحوهم حادوا عنها وهابوها، فذمرهم من حضرهم من الناس، وأمروهم بالصبر لها، فصبروا [لها] حتى