وكان هاشم - فيما يزعمون - أول من سن الرحلتين لقريش: رحلتي الشتاء والصيف. وأول من أطعم الثريد بمكة، وإنما كان اسمه عمرا، فما سمى هاشما إلا بهشمه الخبز بمكة لقومه. فقال شاعر من قريش أو من بعض العرب:
عمرو الذي هشم الثريد لقومه * قوم بمكة مسنتين عجاف سنت إليه الرحلتان كلاهما * سفر الشتاء ورحلة الأصياف قال ابن هشام: أنشدني بعض أهل العلم بالشعر من أهل الحجاز:
* قوم بمكة مسنتين عجاف * قال ابن إسحاق: ثم هلك هاشم بن عبد مناف بغزة من أرض الشام تاجرا، فولى السقاية والرفادة من بعده المطلب بن عبد مناف، وكان أصغر من عبد شمس وهاشم، وكان ذا شرف في قومه وفضل، وكانت قريش إنما تسميه الفيض لسماحته وفضله.
وكان هاشم بن عبد مناف قدم المدينة فتزوج سلمى بنت عمرو أحد بنى عدى بن النجار، وكانت قبله عند أحيحة بن الجلاح بن الحريش - قال ابن هشام: ويقال: الحريس - ابن جحجبي بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف ابن مالك بن الأوس، فولدت له عمرو بن أحيحة وكانت لا تنكح الرجال لشرفها في قومها حتى يشترطوا (1) لها أن أمرها بيدها، إذا كرهت رجلا فارقته.
فولدت لهاشم عبد المطلب، فسمته شيبة، فتركه هاشم عندها حتى كان وصيفا أو فوق ذلك، ثم خرج إليه عمه المطلب لقبضه فيلحقه ببلده وقومه، فقالت له سلمى: لست بمرسلته معك، فقال لها المطلب، إني غير منصرف حتى أخرج به معي، إن ابن أخي قد بلغ، وهو غريب في غير قومه، ونحن أهل بيت شرف في قومنا، نلي كثيرا من أمورهم، وقومه وبلده وعشيرته خير له من الإقامة في غيرهم، أو كما قال وقال شيبة لعمه المطلب - فيما يزعمون -: لست بمفارقها إلا أن