يخبره بأمره، فكتب إليهم عمر رضي الله عنه: أن أقروه على حاله، وردوا عليه الدفن الذي كان عليه، ففعلوا.
أمر دوس ذي ثعلبان، وابتداء ملك الحبشة وذكر أرياط المستولي على اليمن قال ابن إسحاق: وأفلت منهم رجل من سبأ، يقال له: دوس ذو ثعلبان، على فرس له، فسلك الرمل فأعجزهم، فمضى على وجهه ذلك، حتى أتى قيصر ملك الروم، فاستنصره على ذي نواس وجنوده، وأخبره بما بلغ منهم، فقال له: بعدت بلادك منا، ولكني سأكتب لك إلى ملك الحبشة فإنه على هذا الدين، وهو أقرب إلى بلادك، وكتب إليه يأمره بنصره والطلب بثأره.
فقدم دوس على النجاشي بكتاب قيصر، فبعث معه سبعين ألفا من الحبشة، وأمر عليهم رجلا منهم يقال له أرياط، ومعه في جنده أبرهة الأشرم، فركب أرياط البحر حتى نزل بساحل اليمن، ومعه دوس [ذو ثعلبان]، وسار إليه ذو نواس في حمير، ومن أطاعه من قبائل اليمن، فلما التقوا انهزم ذو نواس وأصحابه، فلما رأى ذو نواس ما نزل به وبقومه وجه فرسه في البحر، ثم ضربه فدخل به، فخاض به ضحضاح البحر، حتى أفضى به إلى غمره، فأدخله فيه، وكان آخر العهد به، ودخل أرياط اليمن فملكها.
فقال رجل من أهل اليمن - وهو يذكر ما ساق إليهم دوس من أمر الحبشة: " لا كدوس ولا كأعلاق رحله " فهو مثل باليمن إلى هذا اليوم. وقال ذو جدن الحميري:
هونك ليس يرد الدمع ما فاتا * لا تهلكي أسفا في إثر من ماتا