فأعجبه ما يرى منه، فسأله عن دينه فأخبره به، وقال له فيميون: إنما أنتم في باطل، إن هذه النخلة لا تضر ولا تنفع، ولو دعوت عليها إلهي الذي أعبده لأهلكها، وهو الله وحده لا شريك له، قال: فقال له سيده: فافعل، فإنك إن فعلت دخلنا في دينك، وتركنا ما نحن عليه، قال: فقام فيميون، فتطهر وصلى ركعتين، ثم دعا الله عليها. فأرسل الله [عليها] ريحا فجعفتها من أصلها فألقتها، فاتبعه عند ذلك أهل نجران على دينه، فحملهم على الشريعة من دين عيسى بن مريم عليه السلام، ثم دخلت عليهم الاحداث التي دخلت على أهل دينهم بكل أرض، فمن هنالك كانت النصرانية بنجران في أرض العرب.
قال ابن إسحاق: فهذا حديث وهب بن منبه عن أهل نجران.
أمر عبد الله بن الثامر، وقصة أصحاب الأخدود قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي، وحدثني أيضا بعض أهل نجران عن أهلها، أن أهل نجران كانوا أهل شرك يعبدون الأوثان، وكان في قرية من قراها قريبا من نجران - ونجران: القرية العظمى التي إليها جماع أهل تلك البلاد - ساحر يعلم غلمان أهل نجران السحر، فلما نزلها فيميون - ولم يسموه لي باسمه الذي سماه به وهب بن منبه، قالوا:
رجل نزلها - ابتنى خيمة بين نجران وبين تلك القرية التي بها الساحر، فجعل أهل نجران يرسلون غلمانهم إلى ذلك الساحر يعلمهم السحر، فبعث إليه الثامر ابنه عبد الله بن الثامر، مع غلمان أهل نجران، فكان إذا مر بصاحب الخيمة أعجبه ما يرى منه من صلاته وعبادته، فجعل يجلس إليه، ويستمع منه، حتى أسلم، فوحد الله وعبده وجعل يسأله عن شرائع الاسلام، حتى إذا فقه فيه جعل يسأله عن الاسم الأعظم، وكان يعلمه، فكتمه إياه، وقال [له]: يا بن أخي، إنك لن تحمله، أخشى [عليك] ضعفك عنه، والثامر أبو عبد الله لا يظن إلا أن ابنه يختلف إلى الساحر كما يختلف الغلمان، فلما رأى عبد الله أن صاحبه