تجده، فقامت على الصفا تدعو الله وتستغيثه لإسماعيل، ثم أتت المروة ففعلت مثل ذلك. وبعث الله تعالى جيريل عليه السلام، فهمز له بعقبه في الأرض، فظهر الماء، وسمعت أمه أصوات السباع فخافتها عليه، فجاءت تشتد نحوه، فوجدته يفحص بيده عن الماء من تحت خده ويشرب، فجعلته حسيا.
أمر جرهم ودفن زمزم قال ابن هشام: وكان من حديث جرهم، ودفنها زمزم، وخروجها من مكة، ومن ولى أمر مكة بعدها إلى أن حفر عبد المطلب زمزم، ما حدثنا به زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي، قال: لما توفى إسماعيل ابن إبراهيم ولى البيت بعده ابنه نابت بن إسماعيل ما شاء الله أن يليه، ثم ولى البيت بعده مضاض بن عمرو الجرهمي.
قال ابن هشام: ويقال: مضاض بن عمرو الجرهمي.
قال ابن إسحاق: وبنو إسماعيل وبنو نابت مع جدهم مضاض بن عمرو وأخوالهم من جرهم. وجرهم وقطوراء يومئذ أهل مكة، وهما ابنا عم. وكانا ظعنا من اليمن فأقبلا سيارة، وعلى جرهم مضاض بن عمرو، وعلى قطوراء السميدع رجل منهم. وكانوا إذا خرجوا من اليمن لم يخرجوا إلا ولهم ملك يقيم أمرهم فلما نزلا مكة رأيا بلدا ذا ماء وشجر، فأعجبهما فنزلا به. فنزل مضاض بن عمرو بمن معه من جرهم بأعلى مكة بقعيقعان فما حاز. ونزل السميدع بقطوراء أسفل مكة بأجياد فما حاز. فكان مضاض يعشر من دخل مكة من أعلاها، وكان السميدع يعشر من دخل مكة من أسفلها، وكل في قومه لا يدخل واحد منهما على صاحبه. ثم إن جرها وقطوراء بغى بعضهم على بعض، وتنافسوا الملك بها، ومع مضاض يومئذ بنو إسماعيل وبنو نابت، وإليه ولاية البيت دون السميدع، فسار بعضهم إلى بعض، فخرج مضاض بن عمرو بن قعيقعان في كتيبة