وخرج مسلم (١) من حديث سعيد، عن قتادة، عن زرارة، أن سعيد بن هشام بن عارم أراد أن يغزو في سبيل الله فقدم المدينة، فأراد أن يبيع عقارا بها، فيجعله في السلاح والكراع، ويجاهد الروم حتى يموت، فلما قدم المدينة أتى أناسا من أهل المدينة، فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطا ستة أرادوا ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فنهاهم نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال: أليس لكم في أسوة؟.
فلما حدثوه بذلك راجع امرأته وقد كان طلقها، وأشهد على رجعتها، فأتى ابن عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فسأله عن عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس: ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: من؟ قال: عائشة، فأتها فاسألها، ثم ائتني فأخبرني بردها عليك، فانطلقت إليها فأتيت على حكيم بن أفلح فاستخلفته إليها، فقال: ما أنا بمقاربها لأني نهيتها إلى أن تقول في هاتين الشعبتين شيئا، فأبت فيهما إلا مضيا.
قال: فأقسمت عليه، فجاء، فانطلقنا إلى عائشة - رضي الله تبارك وتعالى عنها -، فاستأذنا عليها، فأذنت لنا، فدخلنا عليها، فقالت: أحكيم؟
فعرفته، فقال: نعم، فقالت: من معك؟ قال: سعد بن هشام، ثم قالت: من هشام؟ قال: ابن عامر، فترحمت عليه، وقالت: خيرا، قال قتادة: وكان أصيب يوم أحد، فقلت: (يا) أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلق النبي صلى الله عليه وسلم كان القرآن، فهممت أن أقوم ولا أسأل أحدا عن شئ من أمره (٢)، ثم بدا لي، فقلت:
أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ألست تقرأ: ﴿يا أيها المزمل﴾ (3)؟
قلت: بلى، قالت: فإن الله - عز وجل - افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا، وأمسك الله - عز وجل - خاتمتها