(البيان) في آخر (إحياء الموات) عن الشيخ أبي حامد أن بعضهم قال: أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يملك شيئا ولا يأتي منه الملك، وإنما أبيح له ما يأكله، وما يحتاج إليه، وغلطه أبو حامد لقوله - تعالى -: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول) الآية، وقد أعتق صلى الله عليه وسلم صفيه، واستولد مارية، وقد عد الغزالي - رحمه الله - هذه الخصلة من هذا الضرب.
قال الرافعي: كان المعنى فيه إن جعلها صدقة تورث زيادة القربة، ورفع الدرجات، وعدها الأكثرون من المكرمات، وعلى هذا يجوز له صلى الله عليه وسلم أن يتصدق بجميع ماله بعد موته بخلاف أمته، وهذا ليس خاصا به صلى الله عليه وسلم بل الأنبياء - عليهم السلام لا تورث، لكنه صلى الله عليه وسلم يمتاز به من بين أمته، ولما ذكر القضاعي ما اختص به - عليه السلام - من بين الأنبياء. قال: ومنها أن ماله كان بعد موته قائما على نفقته وملكه، فجعل الخصوصية من هذه الحيثية.
واعلم أن ما ملكه صلى الله عليه وسلم في حياته كأموال بني النضير، والنصف من فدك، والثلث من وادي القرى، وثلاثة حصون من خيبر، (وأطم) الكتيبة، و (حصن) الوطيح، و (حصن) السلالم فإنها بعد وفاته كلها صدقة تصدق بها في حياته لا تورث عنه (1).