خمسة وعشرين سهما منها واحد وعشرين سهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأربعة أسهم هي لأربعة أصناف هم ذوو القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، وهذا هو مذهب الشافعي، ولكل على قوله دليل إذا تكرر ما وصفنا، فالذي ملك الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم مال الغنيمة، ومال الفئ، خمس الخمس من الفئ والغنيمة، وأربعة أخماس الفئ، ذلك سوى الصفي من الغنيمة، فصار رسول الله صلى الله عليه وسلم مالكا لأربعة أموال: مالين من الغنيمة هما خمس الخمس، والصفي، ومالين من الفئ هما خمس الخمس، وأربعة أخماسه، واستدل أصحابنا على ذلك بقوله - تعالى -: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله ولرسوله ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) فأضاف الله - تعالى - الفئ إلى رسوله، كما أضاف الغنيمة إلى الغانمين، ثم من استثناه في سهم الغانمين، فوجب أن يكون إطلاق ما جعل لهم من الفئ محمول على المقدار المحمول من الغنيمة، ويكون الخمس، ويكون الباقي بعده لمن أضاف المال إليه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم كما كان الباقي من الغنيمة لما أضافها إليه وهم الغانمون.
وقال الشافعي: سمعت ابن عيينة يحدث عن الزهري أنه سمع مالك بن أوس بن الحدثان يقول: سمعت عمر بن الخطاب، والعباس بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب - رضي الله تبارك وتعالى عنهم - يختصمان إليه في أموال النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليها بخيل، ولا ركاب، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون المسلمين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق منها على أهله نفقة سنة، فما فضل منها جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فوليها أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - بمثل ما وليها به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وليها عمر بمثل ما ولى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه -، ثم سألها في أن أوليكما هذا على أن تعملانها بمثل ما وليهما به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وليها أبو بكر، ثم وليتها، ثم حينما تختصمان تريدان أن أدفع إلى كل واحد منكما نصفا، أتريدان مني قضاء غير ما قضيت بينكما أولا