نهر الأمير فألقى نفسه فيه يريد النجاة؛ وكان انكلاي قد فارق أباه قبل ذلك وسار نحو الديناري.
ورجع الموفق ورأس الخبيث بين يديه وسليمان معه وأصحابه إلى مدينته وأتاه من الزنج عالم كبير يطلبون الأمان فأمنهم وانتهى إليه خبر إنكلاي والمهلبي ومكانهما ومن معهما من مقدمي الزنج فبث الموفق أصحابه في طلبهم وأمرهم بالتضييق عليهم، فلما أيقنوا أن لا ملجأ أعطوا بأيديهم فظفر بهم وبمن معهم وكانوا زهاء خمسة آلاف، فأمر بالاستيثاق من المهلبي، وإنكلاي وكان ممن هرب قرطاس الرومي الذي رمى الموفق بالسهم في صدره فانتهى إلى رامهرمز فعرفه رجل فدل عليه عامل البلد فأخذه وسيره إلى الموفق فقتله أبو العباس.
وفيها استأمن درمويه الزنجي إلى أبي أحمد وكان درمويه من أنجاد الزنج وأبطالهم، وكان الخبيث قد وجهه قبل هلاكه بمدة إلى موضع كثير الشجر والأدغال والآجام متصل بالبطيحة، فكان هو ومن معه يقطعون الطريق هنالك على السابلة في زواريق خفاف فإذا طلبوا دخلوا الأنهار الصغار الضيقة واعتصموا بالأدغال وإذا تعذر عليهم مسلك لضيقه حملوا سفنهم ولجأوا إلى الأمكنة الوسيعة ويعبرون على قرى البطيحة ويقطعون الطريق فظفر بهم بجماعة من عسكر الموفق معهم نساء قد عادوا إلى منازلهم فقتل الرجال وأخذ النساء، فسألهن عن الخبر فأخبرته بقتل الخبيث وأسر أصحابه وقواده ومصير كثير منهم إلى الموفق بالأمان وإحسانه إليهم فسقط في يده ولم ير لنفسه ملجأ إلا طلب الأمان والصفح عن جرمه فأرسل