فهزموهم فولوا منهزمين وتركوا حصنهم في أيدي أصحاب الموفق فهدموه وغنموا ما فيه وأسروا وقتلوا خلقا لا تحصى وخلصوا من هذا الحصن خلقا كثيرا من النساء والصبيان، ورجع الموفق إلى عسكره بما أراد.
ذكر استيلاء الموفق على مدينة صاحب الزنج الغربية لما هدم الموفق دور الخبيث أمر بإصلاح المسالك لتتسع على المقاتلة الطريق للحرب، ثم رأى قلع الجسر الأول الذي على نهر أبي الخصيب لما في ذلك من منع معاونة بعضهم بعضا، وأمر بسفينة كبيرة أن تملأ قصبا ويجعل فيها النفط ويوضع وسطها دقل طويل يمنعها من مجاورة الجسر إذا التصقت به، ثم أرسلها عند غفلة الزنج وقوة المد فوافت الجسر، وعلم بها الزنج فأتوها وطموها بالحجارة والتراب، ونزل بعضهم في الماء فنقبها فغرقت وكان قد احترق من الجسر شيء يسير فأطفأه الزنج.
فعند ذلك اهتم الموفق بالجسر فندب أصحابه وأعد النفاطين والفعلة والفؤوس وأمرهم بقصده من غربي النهر وشرقيه، وركب الموفق في أصحابه وقصد فوهة نهر أبي الخصيب وذلك منتصف شوال سنة تسع وستين [مائتين]، فسبق الطائفة التي في غرب النهر فهزم الموكلين على الجسر وهم سليمان بن جامع وانكلاي ولد الخبيث وأحرقوه.