ميمنة خمارويه فانهزمت، فلما رأى ذلك خمارويه ولم يكن رأى مصافا قبله ولى منهزما في نفر من الأحداث الذي لا علم لهم بالحرب ولم يقف دون مصر.
ونزل المعتضد إلى خيام خمارويه وهو لا يشك في تمام النصر فخرج الذين عليهم سعيد الأيسر وانضاف إليه من بقي من جيش خمارويه ونادوا بشعارهم وحملوا على عسكر المعتضد وهم مشغلون بنهب السواد ووضع المصريون السيف فيهم.
وظن المعتضد أن خمارويه قد عاد فركب فانهزم ولم يلو على شيء فوصل إلى دمشق ولم يفتح له أهلها بابها فمضى منهزما حتى بلغ طرسوس، وبقي العسكران يضطربان بالسيوف وليس لواحد منهما أمير.
وطلب سعيد الأيسر خمارويه فلم يجده فأقام أخاه أبا العشائر وتمت الهزيمة على العراقيين وقتل منهم خلق كثير وأسر كثير.
وقال سعيد للعساكر إن هذا أخو صاحبكم وهذه الأموال تنفق فيكم؛ ووضع العطاء فاشتغل الجند عن الشغب بالأموال، وسيرت البشارة إلى مصر ففرح خمارويه بالظفر وخجل للهزيمة غير أنه أكثر الصدقة وفعل مع الأسرى فعلة لم يسبق إلى مثلها قبله فقال لأصحابه إن هؤلاء أضيافكم فأكرموهم ثم أحضرهم بعد ذلك وقال لهم نم اختار المقام عندنا فله الإكرام والمواساة ومن أراد الرجوع جهزناه وسيرناه فمنهم من أقام ومنهم من سار مكرما وعادت عساكر خمارويه إلى الشام ففتحته أجمع فاستقر ملك خمارويه له.