ذكر عبور الموفق إلى مدينة صاحب الزنج وفيها عبر الموفق إلى مدينة الخبيث لست بقين من ذي الحجة؛ وكان سبب ذلك أن جماعة من قواد الخبيث لما رأوا ما حل بهم من البلاء من قبل من يظهر منهم وشدة الحصار على من لزم المدينة، وحال من خرج بالأمان جعلوا يهربون من كل وجه ويخرجون إلى الموفق بالأمان.
فلما رأى الخبيث ذلك جعل على الطرق التي يمكنهم الهرب منها من يحفظها؛ فأرسل جماعة من القواد إلى الموفق يطلبون الأمان وأن يوجه لمحاربة الخبيث جيشا ليجدوا طريقا إلى المسير إليه، فأمر ابنه أبا العباس بالمسير إلى النهر الغربي وبه علي بن أبان يحميه، فنهض أبو العباس ومعه الشذوات والسميريات والمعابر فقصده وتحارب هو وعلي بن أبان واشتدت الحرب واستظهر أبو العباس على الزنج، وأمد الخبيث أصحابه بسليمان بن جامع في جمع كثير، فاتصلت الحرب من بكرة إلى العصر، وكان الظفر لأبي العباس، وصار إليه القوم الذين كانوا طلبوا الأمان.
واجتاز أبو العباس بمدينة الخبيث عند نهر الأتراك فرأى قلة الزنج هناك فطمع فيهم فقصدهم أصحابه وقد انصرف أكثرهم إلى الموفقية، فدخلوا ذلك المسلك وصعد جماعة منهم السور وعليه فريق من الزنج فقتلوهم، وسمع العلوي فجهز أصحابه لحربهم، فلما رأى أبو العباس اجتماعهم وحشدهم لحربه مع قلة أصحابه رحل فأرسل إلى الموفق يستمده فأتاه من خف من الغلمان فظهروا على الزنج فهزموهم.