وأملوا أن تتطاول بهم الأيام وتندفع عنهم المناجزة، فوجد الموفق المتسرعين من فرسان غلمانه والرجالة قد سبقوا الجيش فأوقعوا بالخبيث وأصحابه وقعة هزموهم بها، وتفرقوا لا يلوي بعضهم على بعض وتبعهم أصحاب الموفق يقتلون ويأسرون من لحقوا منهم، وانقطع الخبيث في جماعة من حماة أصحابه وفيهم المهلبي وفارقه ابنه انكلاي وسليمان بن جامع فقصد كل فريق منهم جمعا كثيفا من الجيش.
وكان أبو العباس قد تقدم، فلقي المنهزمين في الموضع بعسكر ريحان، فوضع أصحابه فيهم السلاح، ولقيهم طائفة أخرى فأوقعوا بهم أيضا وقتلوا منهم جماعة وأسروا سليمان بن جامع فاتوا به الموفق من غير عهد ولا عقد، فاستبشر الناس بأسره وكثر التكبير وأيقنوا بالفتح إذ كان أكثر أصحاب الخبيث عتا عنه؛ وأسر من بعده إبراهيم بن جعفر الهمذاني وكان أحد أمراء جيوشه، فأمر الموفق بالاستيثاق منهم وجعلهم في شذاة لأبي العباس.
ثم أن الزنج الذين انفردوا مع الخبيث حملوا على الناس حملة أزالوهم عن مواقفهم ففتروا فأحس الموفق بفتورهم فجد في طلب الخبيث وأمعن فتبعه أصحابه، وانتهى الموفق إلى آخر نهر أبي الخصيب فلقيه البشير بقتل الخبيث وأتاه بشير آخر ومعه كف، ذكر أنها كفه فقوي الخبر عنده، ثم أتاه غلام من أصحاب لؤلؤ يركض ومعه رأس الخبيث فأدناه منه وعرضه على جماعة من المستأمنة فعرفوه فخر لله ساجدا وسجد معه الناس، وأمر الموفق برفع رأسه على قناة فتأمله الناس فعرفوه وكثر الضجيج بالتحميد.
وكان مع الخبيث لما أحيط به المهلبي وحده فولى عنه هاربا وقصد