يعلم سائر العسكر بذلك لكثرتهم، وبعد المسافة فيما بين بعضهم البعض، وأمر الموفق بتحريك العلم الأسود والنفخ في البوق فزحف الناس في البر والماء يتلو بعضهم بعضا، فلقيهم الزنج وقد حشدوا واجترؤا بما تهيأ لهم على من كان يسرع إليهم فلقيهم الجيش بنيات صادقة وبصائر نافذة، واشتد القتال وقتل من الفريقين جمع كثير فانهزم أصحاب الخبيث وتبعهم أصحاب الموفق يقتلون ويأسرون، واختلط بهم ذلك اليوم أصحاب الموفق فقتل منهم ما لا يحصى عددا وغرق منهم مثل ذلك، وحوى الموفق المدينة بأسرها فغنمها أصحابه واستنقذوا من كان بقي من الأسرى من الرجال والنساء والصبيان، وظفروا بجميع عيال علي بن أبان المهلبي وبأخويه الخليل ومحمد وأولادهما وعبر بهما إلى المدينة الموفقية.
ومضى الخبيث في أصحابه ومعه ابن انكلاي وسليمان بن جامع وقواد من الزنج وغيرهم هربا عامدين إلى موضع كان الخبيث قد أعده ملجأ إذا غلب على مدينته وذلك المكان على النهر المعروف بالسفياني، وكان أصحاب الموفق قد اشتغلوا بالنهب والإحراق، وتقدم الموفق في الشذوات نحو نهر السفياني ومعه لؤلؤ أصحابه فظن أصحاب الموفق أنه رجع إلى مدينتهم الموفقية فانصرفوا إلى سفنهم بما قد حووا، وانتهى الموفق ومن معه إلى عسكر الخبيث وهم منهزمون واتبعهم لؤلؤ في أصحابه حتى عبر السفياني فاقتحم لؤلؤ بفرسه واتبعه أصحابه حتى انتهى إلى النهر المعروف بالفربري، فوصل إليه لؤلؤ وأصحابه فأوقعوا به ومن معه،