فهزمهم حتى عبر النهر السفياني ولؤلؤ في أثرهم فاعتصموا بجبل وراءه وانفرد لؤلؤ وأصحابه باتباعهم إلى هذا المكان في آخر النهار، فأمر الموفق بالانصراف فعاد مشكورا محمودا لفعله، فحمله الموفق معه وجدد له من البر والكرامة ورفعة المنزلة ما كان مستحقا له، ورجع الموفق فلم ير أحدا من أصحابه بمدينة الزنج فرجع إلى مدينته واستبشر الناس بالفتح وهزيمة الزنج وصحابهم.
وكان الموفق قد غضب على أصحابه بمخالفتهم أمره وتركهم الوقوف حيث أمرهم فجمعهم جميعا ووبخهم على ذلك وأغلظ لهم فاعتذروا بما ظنوه من انصرافه وإنهم لم يعلموا بمسيره ولو علموا ذلك لأسرعوا نحوه، ثم تعاقدوا وتحالفوا بمكانهم على أن لا ينصرف أحد إذا توجهوا نحو الخبيث حتى يظفروا به فإن أعياهم أقاموا بمكانه حتى يحكم الله بينهم وبينه، وسألوا الموفق أن يرد السفن التي يعبرون فيها إلى الخبيث لينقطع الناس عن الرجوع فشكرهم وأثنى عليهم وأمرهم بالتأهب.
وأقام الموفق بعد ذلك إلى الجمعة يصلح ما يحتاج الناس إليه، وأمر الناس عشية الجمعة بالمسير إلى حرب الخبثاء بكرة السبت وطاف عليهم هو بنفسه يعرف كل قائد مركزه والمكان الذي يقصده وغدا الموفق يوم السبت لثلاثين خلت من صفر، فعبر بالناس وأمر برد السفن فردت وسار يقدمهم إلى المكان الذي قدر أن يلقاهم فيه.
وكان الخبيث وأصحابه قد رجعوا إلى مدينتهم بعد انصراف الجيش عنهم،