ذكر خلافة المستعين وفي هذه السنة بويع أحمد بن محمد بن المعتصم بالخلافة وكان سبب ذلك أن المنتصر لما توفي اجتمع الموالي على الهارونية من الغد وفيها بغا الكبير وبغا الصغير وأتامش وغيرهم فاستحلفوا قود الأتراك والمغاربة والأشروسنية على أن يرضوا بمن رضي به بغا الكبير وبغا الصغير وأتامش وذلك بتدبير أحمد بن الخصيب فحلفوا وتشاوروا وكرهوا أن يتولى الخلافة أحد من ولد المتوكل لئلا يغتالهم وأجمعوا على أحمد بن محمد بن المعتصم وقالوا لا تخرج الخلافة من ولد مولانا المعتصم فبايعوه ليلة الاثنين لست خلون من ربيع الآخر وهو ابن ثمان وعشرين سنة ويكنى أبا العباس فاستكتب أحمد بن الخصيب واستوزر أتامش.
فلما كان يوم الاثنين سار المستعين إلى دار العامة في زي الخلافة وحمل إبراهيم بن إسحاق بين يديه الحربة وصف واجن الأشروسني أصحابه صفين وقام هو وعدة من وجوه أصحابه وحضر الدار أصحاب المراتب من العباسيين والطالبيين وغيرهم.
فبيناهم كذلك إذ جاءت صيحة من ناحية الشارع والسوق وإذا نحو من خمسين فارسا ذكروا أنهم من أصحاب محمد بن عبد الله بن طاهر ومعهم غيرهم من أخلاط الناس والغوغاء والسوقة فشهروا السلاح وصاحوا نفير يا منصور وشدوا على أصحاب الأشروسني فتضعضعوا وانضم بعضهم إلى بعض وتحرك من على باب العامة من المبيضة والشاكرية،