وأمر الموفق ابنه أبا العباس بالمسير إلى محاربة العلوي بنهر أبي الخصيب فسار إليه فحاربه من بكرة إلى الظهر فاستأمن إليه قائد من قواد العلوي ومعه جماعة فكسر ذلك الخبيث وعاد أبو العباس بالظفر، وكتب الموفق إلى العلوي كتابا يدعوه إلى التوبة والإنابة إلى الله تعالى مما ركب من سفك الدماء وانتهاك المحارم وإخراب البلدان واستحلال الفروج والأموال وادعاء النبوة والرسالة ويبذل له الأمان، فوصل الكتاب إليه فقرأه ولم يكتب جوابه.
ذكر محاصرة مدينة صاحب الزنج لما أنفذ الموفق الكتاب إلى العلوي ولم يرد جوابه عرض عسكره وأصلح آلاته ورتب قواده ثم سار هو وابنه أبو العباس في العشرين من رجب إلى مدينة الخبيث التي سماها المختارة وأشرف عليها وتأملها ورأى حصانتها بالأسوار والخنادق وغور الطريق إليها وما أعد من مجانيق والعرادات والقسي وسائر الآلات على سورها مما لم ير مثله لمن تقدم من منازعي السلطان ورأى من كثرة عدد المقابلة ما استعظمه.
فلما عاين الزنج أصحاب الموفق ارتفعت أصواتهم حتى ارتجت الأرض فأمر الموفق ابنه بالتقدم إلى سور المدينة والرمي لمن عليه بالسهام فتقدم حتى الصق شذواته بمسناة قصر الخبيث، فكثر الزنج وأصحابهم على أبي العباس ومن معه وتتابعت سهامهم وحجارة مجانيقهم ومقاليعهم،