عليه وعصي على أحمد وأظهر الخلاف، فجمع أحمد العساكر وسار إليه، فلما وصل أذنة كاتبه وراسله يستميله فلم يلتفت إلى رسالته فسار إليه أحمد ونازله وحصره فخرق بازمار نهر البلد على منزلة العسكر فكاد الناس يهلكون، فرحل أحمد مغيظا حنقا، وكان الزمان شتاء، وأرسل بازمار إنني لم أرحل إلا خوفا أن تخترق حرمة هذا الثغر فيطمع فيه العدو.
فلما عاد إلى أنطاكية أكل لبن الجواميس فأكثر منه فأصابه منه هيضة واتصلت حتى صار منها ذرب وكان الأطباء يعالجونه وهو يأكل سرا فلم ينجع الدواء فتوفي رحمه الله.
وكانت امارته نحو ست وعشرين سنة، وكان عاقلا حازما كثير المعروف والصدقة متدينا يحب العلماء وأهل الدين، وعمل كثيرا من أعمال البر ومصالح المسلمين وهو الذي بنى قلعة يافا وكانت المدينة بغير قلعة، وكان يميل إلى مذهب الشافعي ويكرم أصحابه.
وولى بعده ابنه خمارويه وأطاعه القواد وعصي عليه نائب أبيه بدمشق فسير إليه العساكر فأجلوه وساروا من دمشق إلى شيزر.
ذكر مسير إسحاق بن كنداجيق إلى الشام لما توفي أحمد بن طولون كان إسحاق بن كنداجيق على الموصل والجزيرة فطمع هو وابن أبي الساج في الشام واستصغرا أولاد أحمد وكاتبا الموفق