وكان سبب ذلك أنه لما ولي وكان صبيا فقرب الأحداث والسفل وأخلد إلى استماع أقوالهم فغيروا نيته على قواده وأصحابه وصار يقع فيهم ويذمهم ويظهر العزم على الاستبدال بهم وأخذ نعمهم وأموالهم؛ فاتفقوا عليه ليقتلوه ويقيموا عمه، فبلغه ذلك فلم يكتمه بل أطلق لسانه فيهم، ففارقه بعضهم وخلعه طغج بن جف أمير دمشق.
وسار القواد الذين فارقوه إلى بغداد وهم محمد بن إسحاق بن كنداجيق وخاقان المفلحي وبدر بن جف أخو طغج وغيرهم من قواد مصر، فسلكوا البرية وتركوا أهاليهم وأموالهم فتاهوا أياما ومات من أصحابهم جماعة من العطش وخرجوا فوق الكوفة بمرحلتين وقدموا على المعتضد فخلع عليهم وأحسن إليهم، وبقي سائر الجند بمصر على خلافهم ابن خمارويه فسألهم كاتبه علي بن أحمد المارداني أن ينصرفوا يومهم ذلك فرجعوا، فقتل جيش عمين له وبكر الجند إليه فرمى بالرأسين إليهم فهجم الجند عليه فقتلوه ونهبوا داره ونهبوا مصر وأحرقوها وأقعدوا أخاه هارون في الإمرة بعده فكانت ولايته تسعة أشهر.
ذكر حصر الصقالبة القسطنطينية وفي هذه السنة سارت الصقالبة إلى الروم فحصروا القسطنطينية وقتلوا من أهلها خلقا كثيرا وخربوا البلاد، فلما لم يجد ملك الروم منهم خلاصا