ذكر مسير المعتمد إلى الشام وعوده من الطريق وفيها سار المعتمد نحو مصر، وكان سبب ذلك أنه لم يكن له من الخلافة غير اسمها ولا ينفذ له توقيع لا في قليل ولا كثير وكان الحكم كله للموفق والأموال تجبى إليه، فضجر المعتمد من ذلك وأنف منه، فكتب إلى أحمد بن طولون يشكو إليه حاله سرا من أخيه الموفق فأشار عليه أحمد باللحاق به بمصر ووعده النصرة، وسير عسكرا إلى الرقة ينتظر وصول المعتمد إليهم، فاغتنم المعتمد غيبة الموفق عنه فسار في جمادى الأولى ومعه جماعة من القواد، فأقام بالكحيل يتصيد.
فلما سار إلى عمل إسحاق بن كنداجيق وكان عامل الموصل وعامة الجزيرة وثب ابن كنداجيق بمن مع المعتمد من القواد فقبضهم وهم نيزك وأحمد بن خاقان، وخطارمش فقيدهم وأخذ أموالهم ودوابهم، وكان قد كتب إليه صاعد بن مخلد وزير الموفق عن الموفق، وكان سبب وصوله إلى قبضهم أنه أظهر أنه معهم في طاعة المعتمد إذ هو الخليفة ولقيهم لما صاروا إلى عمله وسار معهم عدة مراحل، فلما قارب عمل ابن طولون ارتحل الاتباع والغلمان الذين مع المعتمد وقواده، ولم يترك ابن كنداجيق أصحابه يرحلون، ثم خلا بالقواد عند المعتمد وقال لهم إنكم قاربتم عمل ابن طولون والأمر أمره وتصيرون من جنده وتحت يده، أفترضون بذلك، وقد علمتم أنه كواحد منكم؟
وجرت بينهم في ذلك مناظرة حتى تعالى النهار ولم يرحل المعتمد ومن معه، فقال ابن كنداجيق قوموا بنا نتناظر في غير حضرة أمير المؤمنين؛ فأخذ